للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لاَ يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ (١) .

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ?شَرَعَ لَكُمْ? أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِيناً وَاحِداً (٢) .

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ?شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً? سَبِيلاً وَسُنَّةً (٣) .


(١) قال ابن حجر في الفتح (١/١١٥) : قوله: «وقال ابن عمر ... إلى آخره» المراد بالتقوى: وقاية النفس الشرك والأعمال السيئة والمواظبة على الأعمال الصالحة.
وبهذا التقرير يصح استدلال المصنف. وقوله: «حاك» بالمهملة والكاف الخفيفة أي: تردد، ففيه إشارة إلى أن بعض المؤمنين بلغ كنه الإيمان وحقيقته، وبعضهم لم يبلغ.
وقد ورد معنى قول ابن عمر عند مسلم من حديث النواس مرفوعاً، وعند أحمد من حديث وابصة، وحسن الترمذي من حديث عطية السعدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يكون الرجل من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً لما به البأس» وليس فيها بشيء على شرط البخاري، فلهذا اقتصر على أثر ابن عمر، ولم أره إلى الآن موصولاً.
وقد أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن أبي الدرداء قال: «تمام التقوى أن تتقي الله حتى تترك ما ترى أنه حلال خشية أن يكون حراماً» .
(٢) قال ابن حجر في الفتح (١/١١٦) : قوله: «وقال مجاهد» وصل هذا التعليق عبد بن حميد في تفسيره، والمراد أن الذي تظاهرت عليه الأدلة من الكتاب والسنة هو شرع الأنبياء كلهم.
«تنبيه» : قال شيخ الإسلام البلقيني: وقع في أصل الصحيح في جميع الروايات في أثر مجاهد هذا تصحيف قل من تعرض لبيانه، وذلك أن لفظه: وقال مجاهد: «شرع لكم» أوصيناك يا محمد وإياه ديناً واحداً. والصواب: أوصاك يا محمد وأنبياءه.
كذا أخرجه عبد بن حميد والفريابي والطبري وابن المنذر في تفاسيرهم، وبه يستقيم الكلام، وكيف يفرد مجاهد الضمير لنوح وحده مع أن في السياق ذكر جماعة (انتهى) .
ولا مانع من الإفراد في التفسير، وإن كان لفظ الآية بالجمع على إرادة المخاطب والباقون تبع، وإفراد الضمير لا يمتنع، لأن نوحاً أفرد في الآية فلم يتعين التصحيف، وغاية ما ذكر من مجيء التفاسير بخلاف لفظه أن يكون مذكوراً عند المصنف بالمعنى. والله أعلم.
(٣) قال ابن حجر في الفتح (١/١١٦) : قوله: «وقال ابن عباس» وصل هذا التعليق عبد الرزاق في تفسيره بسند صحيح.
والمنهاج: السبيل: أي: الطريق الواضح.
والشرعة والشريعة بمعنى، وقد شرع أي: سن، فعلى هذا فيه لف ونشر غير مرتب.
فإن قيل: هذا يدل على الاختلاف والذي قبله على الاتحاد، أجيب: بأن ذلك في أصول الدين وليس بين الأنبياء فيه اختلاف، وهذا في الفروع وهو الذي يدخله النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>