كان إيمان الصديقين أقوى من إيمان غيرهم، بحيث لا تعتريه الشبهة.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قلنا: يا رسول إن الإيمان يزيد وينقص قال: «نعم يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة وينقص حتى يدخل صاحبه النار» (١) .
وقال سفيان بن عينيه: الإيمان قول وفعل ويزيد ينقص، فقال له أخوه إبراهيم: لا تقل ينقص فغضب، وقال: أسكت يا صبي ينقص حتى لا يبقى منه شيء.
وممن قال بزيادة الإيمان ونقصانه حافظ العصر البخاري، روي عنه أنه قال: لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت أحداً منهم يختلف في أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص، واستدل البخاري على ذلك بآيات وآثار مصرحة بذلك.
«قال الله تعالى ? لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ?، ? وَزِدْنَاهُمْ هُدًى?، ? وَيَزِيدُ اللَّهُ لَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى?، ? وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ?، ? وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً? وقوله ? أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً ?، وقوله جل ذكره ?فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً?، وَقَوْلُهُ تَعَالَى ?وَمَا زَادَهُمْ إلا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً?»
وإسناد الزيادة إلى غير الله في بعض هذه الآيات من قبيل المجاز إذ لا مؤثر في الوجود إلا الله تعالى.
فإن قيل: هذه الآيات دلت على زيادة الإيمان فقط، والمقصود زيادته ونقصانه.
فالجواب: أن كل ما قبل الزيادة لابد وأن يكون قابلاً للنقصان ضرورة.
وذهب أبو حنيفة والصحابة وإمام الحرمين وجمع كثير من الأشاعرة إلى أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وقالوا: متى كان قبل الزيادة كان شكاً وكفراً.
مسائل مفيدة متعلقة بالإيمان
المسألة الأولى: اختلف العلماء في الإيمان والإسلام هل هما بمعنى واحد أومختلفان؟ فذهب البخاري وجماعة إلى أن معناهما فيهما ويؤيده قوله تعالى ?فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ المُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ المُسْلِمِينَ? [الذاريات: ٣٥، ٣٦] .
وذهبت طائفة إلى أن الإسلام غير الإيمان واحتجوا بقوله: تعالى ?قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا? [الحجرات: ١٤] .
قال الخطابي: والصحيح في هذا أن يقيد الكلام، وذلك أن المسلم قد يكون مؤمناً
(١) لم نقف عليه بهذا اللفظ.