في بعض الأحوال ولا يكون في بعضها، والمؤمن مسلم في جميع الأحوال وكل مؤمن مسلم ولا عكس.
المسألة الثانية: هل يوصف الإيمان بأنه مخلوق أو ليس بمخلوق؟
اختلف مشايخ الحنفية وغيرهم في هذه المسألة فنقل عن أهل سمرقند وجماعة أنه مخلوق، ونقل عن البخاريين من مشايخ الحنفية وعن أحمد بن حنبل وجماعة من أهل الحديث أنه غير مخلوق، ومال إلى هذا القول إمام أهل السنة أبو الحسن الأشعري وقال: إن إطلاق القول بأنه مخلوق يصدق على الإيمان الذي هو من صفات الله تعالى لأن من صفات الله تعالى الحسنى «المؤمن» كما نطق به القرآن العظيم، ولا يقال إيمان الله تعالى محدث ولا مخلوق تعالى أن يقوم به حادث.
قال بعض المحققين المتأخرين: الصواب التفضيل في هذه المسألة، وهو أن يقال: إن إيمان العبد مخلوق لأنه فعل قلبي يكتسب بمباشرة أسباب يحصله المخلوق فلا يتجه خلاف في كونه مخلوقاً، وأن إيمان الله سبحانه وتعالى الذي دل عليه اسم المؤمن قديم غير مخلوق، ومعنى إيمان الله أنه المصدق بوحدانيته في قوله ?شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا العِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ? [آل عمران: ١٨] ، وقوله: ?أَنَا اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا? [طه: ١٤] ، ولا يتجه تصديقه رسله بإظهار المعجزات على أيديهم فهو من صفات الأفعال، والخلاف فيها معلوم بين الأشاعرة والماتريدية.
المسألة الثالثة: هل الإيمان باق مع النوم والإغماء والغفلة والموت أو ليس بباق؟ ذهبت المعتزلة إلى أنه ليس بباق مع هذه الأمور لأنها تضاد التصديق.
وذهب أهل السنة إلى بقائه حكماً معها، وقالوا: المؤمن من آمن في الحال وفي الماضي لأنه حقيقة فيه، بل لأن الشارع يعطي الحكم حكم المحقق، واستدلوا لبقائه حكماً ببقاء وصف النبوة معها، فإنا إذا قلنا: إن النبوة من الأنبياء، والنبي معناه: المنبئ عن الله تعالى ولا شك أنه ليس منبئاً في حال النوم، ولا مبلغاً في حال السكوت والموت، مع أن الحكم بالنبوة باق إلى الأبد وإن لم يبلغ عن الله إلا مرة واحده، واستدلوا على بقائه حكماً ببقاء أحكام العقود حيث قالوا: الاتفاق واقع على أن حكم النكاح وحكم سائر العقود باق بعد فناء الإيجاب والقبول، الذي هو مسمى العقد لحاجة الناس إلى ذلك قالوا: والحاجة فيما نحن فيه من الإيمان إلى بقاء حكمه أمس وآكد، لأن عصمه الدم والمال منوطة به.