للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صلى أنس بن مالك خلفه قبل خلافته ثم قال: ما رأيت أحد أشبه صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا الفتى.

وكان - رضي الله عنه - عفيفاً زاهداً ناسكاً مؤمناً تقياً صالحاً رضياً وهو الذي أزال ما كان يذكر به علياً على المنابر، فإن بني أمية كانوا يلعنون علياً على المنابر، فأزاله عمر بن عبد العزيز ووضع مكانه: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر، وإلي هذا أشار كثير عزة بقوله:

وليت لم تسب علياً ولم تخف ... بريئا ولم تقبل مقالة مجرم

وصدقت بالقول الفعال مع الذي ... أتيت فأمسى راضياً كل مسلم

فما بين شرق الأرض والغرب كلها ... منا ينادى من فصيح وأعجم

يقول أمير المؤمنين ظلمني ... بأخذك ديناري ولا أحد يهم

فاربح بها من صفقة لمبايع ... وأكرم بها أكرم بها ثم أكرم

وهو الذي بعثه الله على رأس المائة الأولى لهذه الأمة ليصح لها دينها، فقد قال أحمد بن حنبل يروي هذا الحديث: «إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يصحح لهذه الأمة دينها» (١)

فنظرنا في المائة الأولى فإذا عمر بن عبد العزيز.

وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات (٢) : حمله العلماء في المائة الأولى على عمر بن عبد العزيز، وفي الثانية على الشافعي وفي الثالثة على ابن شريح، وقيل: على الشيخ أبي الحسن الأشعري، وفي الرابعة على أبي سهل الصعلوكي وقيل: على القاضي الباقلاني، وقيل: على أبي حامد الإسفرائيني، وفي الخامسة على الغزالي.

قال الكرماني: ولا يبعد أن يكون مع السادسة الإمام الرازي، وقال: كيف لا


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٤/١٠٩، رقم ٤٢٩١) عن أبي هريرة.
وأخرجه أيضاُ: الحاكم في المستدرك (٤/٥٦٧، رقم ٨٥٩٢) ، والطبراني في المعجم الأوسط (٦/٣٢٣، رقم ٦٥٢٧) ، وأبو عمرو المقرئ في السنن الواردة في الفتن (٣/٧٤٢، رقم ٣٦٤) ، والديلمي في الفردوس (١/١٤٨، رقم ٥٣٢) .
وكلام الإمام أحمد رواه الخطيب في تاريخ بغداد (٢/٦٢) من طريق أبي سعيد الفريابي قال: قال أحمد بن حنبل: إن الله تعالى يقيض للناس في كل راس مائة سنة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكذب فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفي راس المائتين الشافعي - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: تهذيب الأسماء (ص ٢٧) للنووي.

<<  <  ج: ص:  >  >>