ولولاه لامتلأت الدنيا من شبه الفلاسفة فهو الداعي إلى الله في إثبات القواعد الحقانية، وحجة الحق على الخلق في تصحيح العقائد الإيمانية.
وأفاد الكرماني: أن المراد بالمصحح لهذه الأمة دينها في رأس كل مائة سنة، من انقضت المائة وهو حي عالم مشار إليه قال: وقد كان قبيل كل مائة أيضًا من يصحح ويقوم بأمر الدين قال: ويحتمل التعدد في المصحح.
وأما شيخنا الجلال السيوطي قال: إن هذا البعث من خصائص هذه الأمة، وإن عيسى ابن مريم يبعث في آخر مائة ليجدد لهذه الأمة أمر دينهم.
وكان يترنم بهذه الأبيات:
نهارك يا مغرور سهو وغفلة ... وليلك نوم والردى لك لازم
يغرك ما يغني وتشغل بالمنى ... كما غر باللذات في النوم حالم
ويشغل فيما سوف يكره غبه ... كذلك في الدنيا تعيش البهائم
ومن فضائله وزهده ما قاله مسلمة بن عبد الملك قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز في مرضه فإذا عليه قميص وسخ فقلت لزوجته فاطمة بنت عبد الملك: اغسلي قميص أمير المؤمنين فقالت: نفعل إن شاء الله، ثم عدته فإذا القميص على حاله فقلت: يا فاطمة لم أمركم أن تغسلوا قميص أمير المؤمنين، فإن الناس يعودونه فقالت: والله ما له قميص غيره.
وكان مرضه الذي مات فيه أول شهر رجب سنة إحدى ومائة.
وروي أن مسلمة بن عبد الملك دخل عليه في مرضه الذي مات فيه فقال: يا أمير المؤمنين من توصي بأهلك، وكان له من الأولاد الذكور بضعة عشر وإذ ذكر فقال: إن ولييَّ فيهم الله وهو يتولى الصالحين.
ويروي أنه قال: يا أمير المؤمنين إنك افتقرت ولدك من هذا المال، وتركتهم عيلة لا شيء لهم، فلو أوصيت بهم إلىّ فقال: اسندوني ثم قال: أما قولك: إني أفقرت أفواه ولدي من هذا المال، فوالله ما منعتهم حقاً هو لهم ولم أعطهم ما ليس لهم، وأما قولك: لو أوصيت فاعلم أن وصيتي وولييَّ الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين، ثم قال: بني أحد رجلين إما رجل يتقي الله تعالى فسيجعل له مخرجاً، وإما رجل منكب على المعاصي فلم أكن مقويه على معاصي الله تعالى، ثم بعث إليهم فلما حضروا ونظر إليهم فزرفت عيناه وقال: بنفسي أفدي الفتية الذين تركتهم لا شيء لهم، فإني بحمد الله تركتهم بخير، أي بني: إن أباكم بين أمرين أن تستغنوا ويدخل أبوكم النار،