قلت: ولم أره مضبوطاً في شيء من الروايات التي اتصلت لنا، إلا أنه وقع في بعضها «كيف كان ابتداء الوحي» ، فهذا يرجح الأول، وهو الذي سمعناه من أفواه المشايخ. وقد استعمل البخاري هذه العبارة كثيراً، كبدء الحيض، وبدء الأذان، وبدء الخلق. «والوحي» لغة: الإعلام في خفاء، والوحي أيضا: الكتابة والمكتوب والبعث والإلهام والأمر والإيماء والإشارة والتصويت شيئا بعد شيء. وقيل: أصله التفهيم، وكل ما دللت به من كلام أو كتابة أو رسالة أو إشارة فهو وحي. وشرعاً: الإعلام بالشرع، وقد يطلق الوحي ويراد به اسم المفعول منه أي: الموحى، وهو: كلام الله المنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد اعترض محمد بن إسماعيل التيمي على هذه الترجمة، فقال: لو قال: كيف كان الوحي لكان أحسن، لأنه تعرض فيه لبيان كيفية الوحي، لا لبيان كيفية بدء الوحي فقط. وتعقب بأن المراد من بدء الوحي، حاله مع كل ما يتعلق بشأنه، أي: تعلق كان، والله أعلم.