للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: «اقطع لسانك عن حملة القرآن وطلاب العلم، لا تمزق الناس بلسانك فتمزقك كلاب النار» (١) .

روى أبو قلابة - رضي الله عنه -: إن في الغيبة خراب القلب من الهدى، فنسأل الله العصمة بفضله وكرمه قال.

وإن تكلمت بكلام غير مباح ففيه أربعة صور:

أحدها: شغل الكرام الكاتبين بما لا خير فيه ولا فائدة، وحق للمرء أن يستحي منهما فلا يؤذيهما قال تعالى ?مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ? [ق: ٨] .

والثاني: إرسالهم كتاب إلى الله - عز وجل - من اللغو والهذر، فليحذر العبد من ذلك، وليخش الله - عز وجل -.

وذكر أن بعضهم نظر إلى رجل تكلم بالخنا فقال: يا هذا إنما تملي كتاباً إلى ربك سبحانه فانظر ماذا تملي.

الثالث: قراءته بين يدي الملك الجبار جل جلاله يوم القيامة على رؤوس الأشهاد بين الشدائد والأهوال، وأنت جوعان عطشان عريان منقطعاً عن الجنة محبوساً عن النعمة.

والرابع: اللوم والتعيير بقول الله: يا عبدي لما قلت كذا وكذا فتقطع حجته، ويحصل له الحياء من رب العزة جل جلاله، ولهذا قيل: إياك والفضول فإن حسابه يطول.

وقال الإمام الشافعي لصاحبه الربيع: يا ربيع لا تتكلم فيما لا يعنيك، فإنك إذا


(١) أورده المنذري في الترغيب والترهيب (١/٣٨، رقم ٥٩) ضمن حديث طويل روي عن معاذ - رضي الله عنه - فيه أن رجلاً قال حدثني حديثاً سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فبكى معاذ حتى ظننت أنه لا يسكت، ثم سكت ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لي: «يا معاذ» قلت له: لبيك بأبي أنت وأمي قال: «إني محدثك حديثاً إن أنت حفظته نفعك، وإن أنت ضيعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند الله يوم القيامة، يا معاذ إن الله خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السماوات والأرض، ثم خلق السماوات فجعل لكل سماء من السبعة ملكا بواباً عليها ... الحديث» .
قال المنذري: رواه ابن المبارك في كتاب الزهد عن رجل لم يسمه عن معاذ، ورواه ابن حبان في غير الصحيح والحاكم وغيرهما، وروي عن علي وغيره وبالجملة فآثار الوضع ظاهرة عليه في جميع طرقه وبجميع ألفاظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>