للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «استكثروا من الإخوان فإن ربكم حييٌ كريم، يستحي أن يعذب عبده بين إخوانه يوم القيامة» (١) .

وقال علي كرم الله وجهد: عليكم بالإخوان فإنهم عدة في الدنيا والآخرة، ألم تسمع إلى قول أهل النار: فما لنا من شافعين ولا صديق حميم.

وقال إمامنا الشافعي رحمه الله:

وأكثر من الأخوان ما اسطعت إنهم ... بطون إذا استنجدتهم وظهور

وليس كثير ألف خل وصاحب ... وإن عدواً واحداً لكثير

وقال بعض السلف: استكثروا من الإخوان فإن لكل مؤمن شفاعة، ومن علامة صدق الأخوة والمودة: أن يكون نفس المتآخين كنفس واحدة امتزاجاً وائتلافاً حتى أن كل واحد يجد في فمه لذة ما يأكل أخوه.

فائدة: ذكر بعض الحنفية في كتاب شَرَعَهُ آداباً للمآخاة والصحبة فقال منها: أن لا يؤاخي ويصادق إلا من يثق به وأمانته ويعرف صلاحه وتقواه فإن المرء يكون مع من أحب، ويحشر على دين خليله قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» (٢) ولله در القائل:

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي

إذا كنت في قوم فاصحب خيارهم ... ولا تصحب الأردى فتردى مع الردى

قال ابن جماعة في أنس المحاضرة: قال قس بن محمد لولده يا بني إياك ومصاحبة الأندال فإن مصافاتهم إلى زوال، وهم أهل خلاف واختلاف، وسرعة إقبال وانصراف، إن رأوك بخير كرهوك، وإن رأوك في غبطة حسدوك، ولا تقبل قول واش أي: نمام في حق أخيك، ولا تفش سر أخيك لأحد كما قال الشاعر:

إذ الواشي نعى إليك صديقاً ... فلا تجف الصديق بقول واشي

ولا تصحب قرين السوء وانظر ... لنفسك من تجالس وتماشي


(١) لم نقف عليه.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (٤/٢٥٩، رقم ٤٨٣٣) ، وأحمد في مسنده (٢/٣٣٤، رقم ٨٣٩٨) ، وصححه الحاكم في المستدرك (٤/١٨٨، رقم ٧٣١٩) ، والطيالسي في مسنده (ص ٣٣٥، رقم ٢٥٧٣) ، وعبد بن حميد (ص ٤١٨، رقم ١٤٣١) ، وأبو هريرة في حلية الأولياء (٣/١٦٥) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>