للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنده بما عند الآخر، فما عند النبي - صلى الله عليه وسلم - الثواب والخير الكثير، وما عندهم إلتزام الطاعة.

وحقيقة المبايعة: أن يعقد الإمام العهد مع رعيته بما يأمرهم كما عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه.

قال العلماء: وبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات:

البيعة الأولى: للأنصار وكانوا اثنا عشر رجلاً وكانت هذه المبايعة بمنى، وتسمى البيعة الأولى من بيعتي العقبة، بايعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام دون القتال لأنه لم يفرض يومئذ وسماهم بالأنصار.

والثانية: للأنصار أيضاً وكانوا سبعين رجلاً جاءوا للحج بايعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خفية بالليل أوسط أيام التشريق، قال لهم رسول - صلى الله عليه وسلم -: «أخرجوا إلىّ منكم اثنا عشر نقيباً حتى أبايعهم، وإنما طلب - صلى الله عليه وسلم - اثنا عشر نقيباً إقتداء بقول الله تعالى في قوم موسى: ?وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً? [المائدة: ١٢] فأخرجوا له منهم اثنا عشر نقيباً، وأسماءهم معروفة في كتب السير منهم: عبادة بن الصامت كما قال البخاري: «وهو أحد نقباء ليلة العقبة» فتقدموا لمبايعته - صلى الله عليه وسلم - فبايعهم فيها على القتال وعلى حرب الأحمر والأسود، وكان أول آية أنزلت في الإذن بالقتال: ?أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ? [الحج: ٣٩] وجعل ثوابهم الجنة، وهذه البيعة الثانية من بيعتي العقبة.

والبيعة الثالثة: بعد هاتين البيعيتين «بيعة الرضوان» بايعهم - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة وكانوا ألفاً وثلاثمائة بايعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يفروا.

وإلى هذه البيعة أشار الله تعالى بقوله: ?لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً? [الفتح: ١٨] وهذه البيعة كانت بعد الهجرة بخلاف البيعتين الأولتين.

وذكر البخاري هنا كيفية الأولى بقوله: «عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وحوله (١) عصابة من أصحابه» (٢) أي: جماعة من أصحابه والعصابه بكسر


(١) قال ابن حجر في الفتح (١/١٤١) : قوله: «وحوله» بفتح اللام على الظرفية.
(٢) قال ابن حجر في الفتح (١/١٤٠) : قوله: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» سقط قبلها من أصل الرواية لفظ «قال» وهو خبر أن، لأن قوله: «وكان» وما بعدها معترض، وقد جرت عادة كثير من أهل الحديث بحذف «قال» خطأ لكن حيث يتكرر في مثل «قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» ولا بد عندهم مع ذلك من النطق بها، وقد ثبتت في رواية البخاري لهذا الحديث بإسناده هذا في باب من شهد بدراً فلعلها سقطت هنا ممن بعده.
ولأحمد عن أبي اليمان بها الإسناد أن عبادة حدثه.

<<  <  ج: ص:  >  >>