للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعمله» (١) فإن ظاهره يدل على أن العمل ليس سبباً لدخول الجنة.

وأجابوا عنه وجمعوا بين الآية والحديث من وجوه أحسنها كما قاله شيخ الإسلام ابن حجر: أن المنفي في الحديث دخولها بالعمل المجرد عن القبول، والمثبت في الآية دخولها في العمل المتقبل والمقبول إنما يحصل برحمة الله تعالى فلم يحصل الدخول إلا برحمة الله تعالى (٢) وحاصل معنى الحديث: لن يدخل أحدكم الجنة بسبب عمله الذي لم يتقبل منه، ومعنى الآية: وتلك الجنة التي أورثتموها بسبب عملكم المقبول برحمة الله تعالى.

فالحاصل: أن الدخول برحمة الله وليس عمل العبد مستقلاً بدخولها فقد روى أبو نعيم من حديث أبي الزبير أن جابراً قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يدخل أحداً منكم عمله الجنة، ولا يجيره من النار، ولا أنا إلا بتوحيد الله» (٣) وإسناده على شرط مسلم.

نعم العمل نافع في الدرجات فقد نقل عن سفيان وغيره أنه قال: كانوا يقولون النجاة من النار بعفو الله، ودخول الجنة برحمته، واقتسام المنازل والدرجات بالأعمال.

وفي الحديث أيضاً: «سددوا وقاربوا وأبشروا واعلموا أن أحداً منكم لن ينجو بعمله، قالوا: ولا أنت؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته» (٤) وهي سعة رحمة الله تعالى.

يقول الحسن: يقول الله تعالى يوم القيامة: جوزوا الصراط بعفوي، وادخلوا جنتي برحمتي، واقتسموها بأعمالكم.

وجاء في الحديث: «ينادى مناد من تحت العرش: يا أمة محمد ما كان لي قبلكم فقد وهبته لكم وبقيت التبعات، فتواهبوها فيما بينكم وادخلوا الجنة برحمتي» (٥) .

لطائف وأخبار في أن الدخول الجنة برحمة الله:

اللطيفة الأولى: قال في الروض الفائق: قال عبد الواحد بن زيد رحمة الله تعالى:


(١) جزء من حديث متفق عليه أخرجه البخاري في صحيحه (٥/٢٣٧٣، رقم ٦١٠٢) ، ومسلم في صحيحه (٤/٢١٧١، رقم ٢٨١٨) .
(٢) انظر فتح الباري (١/٧٨) .
(٣) الحديث أصله في صحيح مسلم (٤/٢١٧١، رقم ٢٨١٧) .
(٤) متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه (٥/٢٣٧٣، رقم ٦١٠٢) ، ومسلم في صحيحه (٤/٢١٧١، رقم ٢٨١٨) .
(٥) أخرجه الديلمي في الفردوس (٥/٤٩٦، رقم ٨٨٧١) عن أنس بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>