وقد استشكل العلماء هذه الآية بقوله تعالى: ?فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنْبِهِ أنس وَلاَ جَانٌّ? [الرحمن: ٣٩] فإن هذه الآية تعارض الآية التي ذكرها البخاري، وبيانه: أن قوله تعالى ?فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أجمعين? [الحجر: ٩٢] تدل على أن كل أحد يسأل يوم القيامة، وقوله تعالى ?فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنْبِهِ أنس وَلاَ جَانٌّ? [الرحمن: ٣٩] تدل على أنه لا يسأل أحد في القيامة، وقد جمع العلماء بين الآيتين من وجوه:
الأول: أن في القيامة مواقف مختلفة وأزمنه متطاولة، أعاننا الله الكريم على أهوالها ففي موقف أو زمان يسألون، وعليه يحمل قوله: ?فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنْبِهِ أنس وَلاَ جَانٌّ? [الرحمن: ٣٩] .
الثاني: المراد بقوله تعالى: ?فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنْبِهِ أنس وَلاَ جَانٌّ? [الرحمن: ٣٩] أنهم لا يسألون سؤال استخبار بل سؤال التوبيخ وتقريع.
الثالث: أن المراد لا يسأل عن ذنبه غيره من الإنس والجان كما لا يحمل ذنبه غيره كما قال تعالى: ?وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى? [الأنعام: ١٦٤] .
ثم استدل البخاري بالآية الثالثة فقال: «وقال الله - عز وجل -: ?لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ? [الصافات: ٦١] والمعنى: لمثل هذا الفوز العظيم فليؤمن الكافرون، فأطلق العمل وأراد به الإيمان.