للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضيفي، والكريم لا يخيب ضيفه، يا ملائكتي أحسنوا في ضيافته وكونوا عليه أشفق من أهله وقرابته، ولله در القائل حيث قال:

إذا ما الموت في جسمي السقيم ... سرى وأتى على عظمي الرميم

وبت مجاور الرب الكريم ... فقولوا لي وافى نعيمي

لك البشرى قدمت على كريم

تولى العمر واقترب الرحيل ... وزادي من التقى زاد قليل

وفي لحدي إذا حان النزول

فهنؤني أحبائي وقولوا ... لك البشرى قدمت على كريم

وقيل: إن موسى - عليه السلام - قال في بعص مناجاته: يارب. فقال له: لبيك يا موسى. فقال موسى - عليه السلام -: يارب أنت أنت فمن أنا حتى تجبني بالتلبية؟ فقال: يا موسى إني آليت على نفسي أنه لا يدعوني عبد من عبادي بالربوبية إلا أجبته بالتلبية. فقال موسى: يارب هذا لكل عبد طائع؟ قال: ولكل عبد مذنب. قال: يارب أما الطائع فبطاعته فما بال المذنب؟ قال الله تعالى: يا موسى إني إذا جازيت المحسن بإحسانه، وضيعت المسيئ لإساءته فأين جودي وكرمي.

تعصي وتجهر بالعصيان إعلاناً ... وأستر الذنب إنعاماً وإحسنانا

ولا أجازي مسيئاً في إساءته ... ولا الذي في العصيان عدوانا

ومن أتى ببابنا بالذل منكسراً ... نعطيه من فضلنا عفواً وغفرانا

ثم استدل البخاري - رضي الله عنه - على استعمال العمل بمعنى الإيمان لأجل الرد عل المرجئة بالآية الثانية فقال: «وقال عدة من أهل العلم في قوله تعالى: ?فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أجمعين * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ? [الحجر: ٩٢، ٩٣] عن قول لا إله إلا الله»

المعنى: وقال جماعة من أهل العلم من الصحابة التابعين وغيرهم منهم أنس وابن عمر ومجاهد أن المراد بقوله: ?يَعْمَلُونَ? في قوله تعالى: ?فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أجمعين * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ?: هو قول لا إله إلا الله، فأطلق العمل على قولهم وأريد به عمل الإنسان فقط، ومقتضى الآية على تفسيرهم: أن المكلفين لا يسألون يوم القيامة إلا عن قول لا إله إلا الله فقط.

فقد اعترضه النووي فقال: الظاهر أن المراد لنسألنهم عن أعمالهم كلها أي: الأعمال التي يتعلق بها التكليف، والتخصيص بقول لا إله إلا الله دعوي لا دليل لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>