للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأكاف على ظهره وامتطيه فإذا هو حمارك (١) .

وحكي عن جعفر بن محمد الصادق - رضي الله عنه - قال: كان في بني إسرائيل رجل صالح وله امرأة جميلة فرآها شاب فعشقته وصنعت له مفتاحاً يدخل عليها متى شاء. فقال زوجها لها في بعض الأيام: قد انكرت حالك فلا بد أن تحلفي لي على عدم الخيانة. قالت: نعم. فلما خرج من عندها ودخل الشاب فأخبرته بذلك. فقال: كيف الخلاص؟ فقالت: إلبس ثياب المكاري وخذ حماراً وقف على باب المدينة. فلما جاء زوجها وطلب يمينها على جبل معظم عندهم يحلفون عنده. فخرجت معه فلما وصلت إلى باب المدينة ورأت المكاري قالت: لابد من ركوبي. فأركبها فلما صعدوا الجبل ألقت نفسها عن الحمار فانكشف شيء من بدنها فرأها زوجها والمكاري. ثم حلفت وقالت: والله ما رأني غيرك إلا هذا المكاري. ولبست عليه فظن أنها تريد أن رأها حين ألقت نفسها عن الحمار. فاضطرب الجبل من تحتهم اضطراباً شديداً فذلك قوله تعالى: ?وَإِن كان مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ? [إبراهيم: ٦٤] .

وشتان ما بين هذه المرأة وبين ما حكي أن رجلاً فاسقاً دخل على امرأة عفيفة. وكان له مدة يتطلبها. فلما دخل عندها قال لها: امضي أغلقي أبواب الدار جميعاً وأحكمي إغلاقها. فمضت المرأة ثم عادت وقالت قد أغلقت سائر الأبواب وأوثقت إغلاقها سوى باب واحد. فإني عجزت عن إغلاقه. فقال: أي باب؟ فقالت: الباب الذي بيننا وبين الخالق جلت عظمته. ما قدرت عليه ولا استطيع أن أغلقه وهو مفتوح بحاله. فوقع في نفس الرجل من هذا الكلام الهيبة وتاب وأخلص التوبة وأقلع عن ذنبه وعاد إلى طاعة ربه.

حكى الغزالي في كتابه نصيحة الملوك: أن ملكاً كان يقال له: «خسرير» وكان يحب أكل السمك كان يوماً جالساً في المنطرة وامرأته «شيرين» عنده. فجاء الصياد ومعه سمكة كبيرة فأهداها إلى «خسرير» ووضعها بين يديه فأعجبته. فأمر له بأربعة ألاف درهم. فقالت شيرين: بئس ما فعلت. قال: ولما؟ قالت: لأنك إذا أعطيت بعد هذا لأحد من حشمك هذا القدر احتقره وقال: أعطاني عطية الصياد. وإن أعطيته أقل منه قال: أعطاني أقل مما أعطى الصياد. فقال خسرير: لقد صدقت ولكن يقبح بالملوك أن يرجعوا في هباتهم وقد فات هذا. قالت شيرين: أنا أدبر هذه الحالة. فقال:


(١) انظر: إحياء علوم الدين (٢/٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>