ومن فضائله ما قاله حجة الإسلام الغزالي رحمه الله في كتابه منهاج العابدين عن بعض الصالحين أنه قال: رأيت سفيان الثوري في النوم بعد موته فقلت: ما حالك يا أبا عبد الله؟ فأعرض عني وقال: ليس هذا زمان الكنى فقلت: كيف حالك يا سفيان فأنشأ سفيان يقول:
نظرت إلى ربي عيانا فقال لي ... هنيأ رضائي عنك يا ابن سعيد
لقد كنت قواماً إذا الليل قد دجا ... بعبرة مشتاق وقلب عميد
فدونك فاختر أي قصر تريده ... وزرني فإني عنك غير بعيد
ومن فضائله ما ذكره في كتاب أنس المحاضرة عن بشر بن الحارث: أن سفيان الثوري كان عليلاً، وكان بلبل يجيىء ويصيح في داره، فلما أن مات وحملت جنازته طار فوق الجنازة فلما دفن تمرغ على القبر ومات.
وكانت وفاة الثوري بالبصرة سنة ستين ومائة.
«قال: حدثنا سفيان عن الأعمش» هذا هو سليمان بن مهران بكسر الميم الكوفي التابعي، وكان في عينه ضعف.
قال يحيى القطان: كان الأعمش من النساك، وكان علامة الإسلام (١) .
وكانت الملوك والسلاطين عنده أحقر الناس مع فقره وحاجته، وكان كثيراً ما يلبس الفروة جلدها على جلده، وصوفها إلى خارج ويذهب إلى الصلاة وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين.
« ... عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أربع مَنْ كُنَّ فِيهِ كان مُنَافِقاً خَالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» . تَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ» .
استشكل جماعة من العلماء هذا الحديث وقالوا: إن هذه قد توجد في المسلم المصدق بقلبه ولسانه ولا يحكم بكفره بالإجماع، ولا بنفاق يجعله الله في الدرك الأسفل من النار، ثم أجابوا عن الاستشكال بأوجه:
أحدها: أن المراد بالنفاق هنا النفاق العملي الإيماني فإن النفاق على قسمين
(١) انظر: حلية الأولياء لأبي نعيم (٥/٥٠) ، وسير أعلام النبلاء للذهبي (٦/٢٣٢) .