للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ? [البقرة: ٢٨١] ، أو نحو ذلك فيبنغي أن يتأدب ويقول سمعاً وطاعة، أو سل الله التوفيق، أو اسأل الله الكريم لطفه، ويتلطف في مخاطبة من قال ذلك، وليحذر كل الحذر من تساهله عند ذلك في عبارات فإن كثيراً من الناس يتكلمون عند ذلك بما لا يليق، وربما يتكلم بعضهم بما يكون كفراً.

وأما الخلف في العهد فهو حرام جداً عند جماعة من العلماء، وبه قال عمر بن العزيز، والذي يذهب الإمام الشافعي والإمام أبو حنيفة والجمهور من العلماء أن خلف الوعد ليس بحرام بل مكروه كراهة تنزيه كراهة شديدة، وقالوا: يستحب الوفاء به، وعند المالكية إن ارتبط الوعد بسبب كقوله: تزوج، أعط كذا فوجب الوفاء به وكان خلفه حراماً، وإن كان وعداً مطلقاً فلا يجب الوفاء به.

فالحاصل: أن خلف الوعد إما حراماً وإما مكروهاً.

قال الله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ? [الصف: ٢، ٣] .

والوفاء بالوعد من أخلاق الأنبياء والأولياء والصالحين نفعنا الله بهم أجمعين.

قال القاضي عياض: باع النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يبعث من إنسان شيئاً وبقي له بقية، فقال له ذلك الإنسان: قف مكانك يا محمد حتى آتيك بالبقية، فذهب ونسي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك المكان، فاستمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك المكان ثلاثة أيام حفظاً للوعد، ثم تذكر بعد اليوم الثالث فجاء فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لقد شققت عليَّ أنا ههنا منذ ثلاثة أيام انتظرك» (١) .

وذكر بعض المفسرين في قوله حكاية عن إسماعيل: ?إِنَّهُ كان صَادِقَ الوَعْدِ? [مريم: ٥٤] أن رجلاً قال له: اجلس يا إسماعيل في هذا المكان حتى آتيك فجلس فيه سنة، ثم جاءه فقال له: مكانك حتى آتيك فجلس فيه سنة أخرى، فقال له: مكانك حتى آتيك فغاب عنه سنة، ثم جاءه وهو في ذلك المكان لم يتغير، فلذلك وصفه الله بأنه كان صادق الوعد.


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٤/٢٩٩، رقم ٤٩٩٦) ، وابن سعد في الطبقات الكبرى (٧/٥٩) ، والضياء في المختارة (٩/٢٦٠، رقم ٢٢٦) ، والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/١٩٨، رقم ٢٠٦٢٤) عن عبد الله بن أبي الحمساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>