للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الثواب يقع على القليل والكثير، بين في هذا الحديث أنه مثل أحد، وفي رواية للحاكم: القيراط أعظم من أحد، وفي رواية أخرى للحاكم: «والذي نفسي بيده لهو في الميزان أثقل من أحد» .

والمقصود من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فإنه يرجع من الأجر بقيراطين» أي: أنه يرجع بحصتين من جنس الأجر.

و «أحد» جبل بجانب المدينة على نحو ميلين منها، وإنما خصه بالذكر دون غيره من الجبال لأنه أعظم جبال المدينة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحبه ويقول: «جبل أحد يحبنا ونحبه» (١) .

وتحرير الكلام في تحصيل القيراط أن للانصراف عن الجنازة أربع مراتب:

الأولى: أن ينصرف عقب الصلاة ولهذا من الأجر قيراط بهذا الحديث، لكن هذا القيراط لا يحصل إلا إذا شهد الجنازة من مكانها إلى حين الصلاة، كما يدل عليه قوله: «وكان معه» أي: مع المسلم، وفي رواية: «معها» أي: مع الجنازة، فلو لم يشهد الجنازة من مكانها بل سبقها إلى المصلى لم يحصل القيراط، وإن حصل له أجر الصلاة، لأن القيراط ليس على الصلاة مطلقاً بل عليها بشرط شهودها من مكانها، ولو شهد الجنازة من مكانها إلى المصلى ولم يصل هو بل صلى غيره عليها لم يحصل له القيراط، لظاهر قوله: «حتى يصلي» بكسر اللام.

لكن قال شيخ الإسلام ابن حجر على رواية: «حتى يصلى» بفتح اللام: قد يقال يحصل ذلك ولو لم يصلي، قال: أما إذا قصد الصلاة وحال دونه مانع فالظاهر حصول الثواب له مطلقاً والله تعالى أعلم.

فلو شهد جنازتين من مكانهما إلى المصلى، وصلى عليها صلاة واحدة، فإن تعدد مكانهما حصل له بكل واحدة قيراط بلا شك، وإن اتحد مكانهما بأن كانا في موضع واحد ومشى معهما حتى صلى عليهما صلاة واحدة.

قال السبكي: فالذي يظهر أنه يحصل له قيراط بكل ميت نظراً إلى تعدد الجنائز، ولا يمنع من ذلك اتحاد الصلاة لأن الشارع ربط القيراط بوصف وهو حاصل في كل


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٤/١٦١٠، رقم ٤١٦٠) عن سهل بن سعد.
وأخرجه البخاري في صحيحه (٣/١٠٥٨، رقم ٢٧٣٢) ، ومسلم في صحيحه (٢/١٠١١، رقم ١٣٩٣) ، والترمذي في سننه (٥/٧٢١، رقم ٣٩٢٢) ، وقال: حسن صحيح. وابن حبان في صحيحه (٩/٤٢، رقم ٣٧٢٥) ، وأبو يعلى في مسنده (٥/٣٢٥، رقم ٢٩٤٨) عن أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>