للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحمد بن حنبل أن المشي أمامها أفضل، وحملوا الاتباع على المعنى العرفي، إذ لو تقدم عليها أو حذاها أو تأخر بحيث ينسب إلى الجنازة ويعد من شيعتها، كان له حكم الاتباع عرفاً، والذي يرجح قول الأئمة الثلاثة ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - والشيخين كانوا يمشون أمامها، وأيضاً: المشيعون للجنازة كالشفعاء لها، ولهذا يقولون في الدعاء: وقد جئناك شفعاء له، ومن شأن الشفيع أن يتقدم بين يدي المشفوع له، فلو مشي خلفها حصل له فضيلة أصل المتابعة وفاته كمالها.

قال النووي: المشي أمام الجنازة أفضل للراكب والماشي، والأفضل أن يكون قريباً منها، بحيث لو التفت لرآها ولا يتقدمها إلى المقبرة فلو تقدم لم يكره.

الفائدة الخامسة: قوله: «من تبع جنازة مسلم» يقتضي أنه لا أجر في اتباع الكافر.

وهل اتباع جنازته حرام أو مكروه، أو لا حرام ولا مكروه؟

قال العلماء: إن كان الميت الكافر من أقارب الشخص كأبيه أو أخيه فلا يحرم اتباعه ولا يكره، وتلحق الزوجة والمملوك والجار بالقريب.

فقد روى أبو داود وغيره عن علي - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إن عمك الضال قد مات فقال: «إذهب فواره» (١) وإسناده ضعيف، وقيل: حسن، وإن كان غير قريب أو ما في معناه فاتباع جنازته حرام، وكما يجوز للمسلم اتباع جنازة قريبة الكافر يجوز له زيارة قبره.

الفائدة السادسة: دلَّ الحديث المذكور على أن الثواب المذكور وهو القيراطان إنما يحصل لمن تبعها إيماناً واحتساباً أي: لوجه الله طالباً للثواب من الله تعالى، فإن حضور الجنازة على ثلاثة أقسام احتساب، ومكأفاة، ومخافة.

والأول هو الذي يجازى عليه الأجر ويحط عنه به الوزر، والثاني لا يبعد ذلك في حقه، والثالث والله أعلم بما فيه، قاله ابن الملقن.

الفائدة السابعة: دل على وجوب الصلاة على الميت ووجوب دفنه، وهو مجمع عليه.


(١) أخرجه أبو داود (٣/٢١٤، رقم ٣٢١٤) وأخرجه أيضاً: النسائي في سننه (٤/٧٩، رقم ٢٠٠٦) ، والبيهقي في السنن الكبرى (١/٣٠٤، رقم ١٣٤٨) ، والضياء في الأحاديث المختارة (٢/٣٦٣، رقم ٧٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>