الفائدة الثامنة: في الحديث حث على الاجتماع للصلاة على الميت وحضور دفنه.
ويلحق بهذه الفوائد مسائل مناسبة وفوائد:
قال العلماء: يكره أن تتبع الجنازة بنار في مجمرة أو غيرها، ونقل ابن المنذر وغيره الإجماع عليه، وكذا يكره أن يكون عند القبر مجمرة، ويكره اللغط في المشي والحديث في أمور الدنيا، بل المستحب التفكر في الموت وما بعده، وفناء الدنيا وأن هذا آخرها.
قال النووي: والمختار والصواب ما كان عليه السلف من السكون في حال السير معها، فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غيرهما، لأنه أسكن للخاطر، أو أجمع للفكر، فيما يتعلق بالجنازة وهو المطلوب في هذا الحال.
وكره الحسن وغيره قولهم: «استغفروا لأخيكم» .
وسمع ابن عمر قائلاً يقول: «استغفروا له غفر الله لكم» فقال: لا غفر الله لك.
وإذا مرت جنازة بالإنسان ولم يرد الذهاب معها لم يقم لها، بل نص أكثر العلماء على كراهة القيام، وإذا كان معها فقعد قبل أن توضع فلا كراهة في ذلك، ولا يستحب له القيام عند إقبالها وهو عند القبر جزم به جمهور العلماء.
قال النووي: ويستحب لمن مرت به جنازة أن يدعو لها، وأن يثنى عليها إن كان أهلاً لذلك، ويستحب أن يقول من رآها: سبحان الحي الذي لا يموت، أو سبحان الملك القدوس، أو يقول ما رواه الطبراني عن ابن عمر أنه كان يقول إذا رأى جنازة: «هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، اللهم زدنا إيماناً وتسليماً» .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من رأى جنازة فقال: الله أكبر صدق الله ورسوله هذا ما وعدنا الله ورسوله، اللهم زدنا إيماناً وتسليماً كتب له عشرون حسنة» .
قال الإمام الشافعي - رضي الله عنه -: وليس في حمل الجنازة دنأة ولا إسقاط مروءة، بل ذلك بر وإكرام للميت، وفعل أهل الخير، فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم الصحابة ثم التابعون، ويحرم حمله بهيئة مزرية كحملة في غرارة أو قتة بل يحمل على سرير أو لوح أو محمل أو أي شيء حمل عليه أجزأ، فإن لم يوجد شيء يحمل عليه وخيف من تغيره وانفجاره فلا بأس أن يحمل على الأيدي والرقاب كما يحمل الطفل.
وكذلك يحرم حملها على هنة يخشى سقوطه منها وحمل الجنازة بين العمودين أفضل من الترابيع، والحمل بين العموديين أن يتقدم شخص ويضع الخشبتين المقدمتين على عاتقيه ورأسه بينهما، ويحمل المؤخرتين رجلان، ولا يدخل واحد بينهما لأنه لا يري ما بين قدميه، فإن عجز المقدم عن الحمل أعانه اثنان، فحامل الجنازة بلا عجز