للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنها: أنه يستحب للعالم أن يحرض الناس ويحثهم على العلم وفهمه.

ومنها: أنه يستحب للإنسان الحياء خصوصاً بحضرة الأكابر، ما لم يؤد إلى تفويت مصلحة، ولهذا تمنى عمر أن يكون ابنه لم يسكت.

ومنها: أن فيه دلالة على أنه ينبغي الأدب مع الأكابر والإخوان والأصحاب، والأدب هو ما يتولد من صفاء القلب وحضوره، ويقال: هو الخلق على بساط الصدق ومطالعة الحقائق بقطع العلائق، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله تعالى أدبني فأحسن تأديبي، وأثنى علي بحسن الأدب حتى قال: ?مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى? [الرحمن: ١٧] » (١) .

وكان من دعائه - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي» (٢) قيل معناه: أن كمال النعيم في حسن الخلق، وكمال الأدب في حسن الخلق.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أراد الله بعد خيراً جعل له واعظاً من نفسه يأمره وينهاه» (٣) .

ومنها: أنه يستحب للصغير أن يوقر الكبير، ويستحب للولد أن يقدم أباه في القول على نفسه، وأن لا يتقدم عليه بما فهمه وإن ظن أنه الصواب توقيراً له وإجلالاً، فقد ورد في مسند ابن ماجة القزويني (٤) عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «جالس العلماء تعرف في السماء، ووقر كبير المسلمين تجاورني في الجنة، واعطف على الطفل الصغير تكن في شفاعتي يوم القيامة» .

وفي الحديث دليل على أن العالم الكبير قد يخفى عليه بعض المسائل، ويحصلها من هو دونه، لأن العلم مواهب الله، والله يؤتي الحكمة من يشاء، كما خفي على أبي بكر وعمر وغيرهما سؤال للنبي - صلى الله عليه وسلم - وفهمه عبد الله على صغر سنه.

وفيه دليل على جواز تجمير النخل كتتويب التين، ولا يعد ذلك من باب إضاعة المال.

ومثل هذا السؤال الذي سأله النبي - صلى الله عليه وسلم - من أصحابه يسمى لغزاً وتعمية، وقد صنف العلماء كتباً في ألغاز المسائل اقتدوا في ذلك بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ذكر فقهاؤنا مسائل كثيرة


(١) أورده بنحوه ابن الجوزي في العلل (١/١٧٨، رقم ٢٨٤) عن علي.
(٢) أخرجه أحمد (٦/٦٨، رقم ٢٤٤٣٧) ، قال الهيثمي (١٠/١٧٣) : رجاله رجال الصحيح.
(٣) أخرجه هناد في الزهد (١/٢٩٠، رقم ٥٠٦) ، وأبو نعيم في الحلية (٢/٢٦٤) عن أم سلمة.
(٤) هاكذا بالأصل: مسند ابن ماجة القزويني، ويحتمل أن له مسنداً غير السنن وقف عليه المصنف، والحديث ليس في سننه والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>