للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأجل الملك، فلما أيقن كسرى بالهلاك وكان مغلوباً فتح خزائنه فرأى خزانة الأدوية، فكتب على حق السم الدواء النافع للجماع، وكان ابنه مولعاً بذلك، فلما قتله فتح خزائنه فرأى خزانة الأدوية فتناول ذلك الحق منها فقرأه وفتحه وتناول منه شيئاً فأكله ومات من ذلك السم، ولم يقم لهم بعد دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم أمر نافذ، بل أدبر عنهم الأقبال، ومالت عنهم الدولة، وأقبلت عليهم النحوس، حتى انقرضوا.

وفي اتخاذه - صلى الله عليه وسلم - خاتماً من فضة دليل على جواز اتخاذ خاتم الفضة للرجال، وقد ذكر العلماء: أن التختم بخاتم الفضة جائز بالإجماع، بل لبسه سنة لهذا الحديث.

والأفضل عند إمامنا الشافعي وأكثر العلماء جعله في اليد اليمنى لأنها أشرف وأفضل، فهي أحق بالزينة والإكرام.

لكن نقل ابن العماد عن المتولي أنه قال: لبسه اليوم في اليسار أولى لأن لبسه في اليمين قد صار شعاراً للرافضة، قال: وهذا الذي ذكره يوافقه ما حكاه الرافعي عن أبي هريرة: أن تستطيح القبر لا يستحب في هذا الزمان، بل التسنيم أولى، لأن التسطيح صار شعاراً للرافضة، فالأولى بنا الآن مخالفتهم وصيانة للميت وأهله من الاتهام بالبدعة، قال: ومما يشهد للمتولي قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن في مواقف التهم» .

وقول علي - رضي الله عنه -: «إياك وما يسبق إلى القلوب إنكاره، وإن كان عندك اعتذاره، فرب سامع نكراً لا تستطيع أن تسمعه عذراً» ، ولأنه إذا تشبه بهم خاض الناس فيه فيكون سبباً في إيقاع الناس في الإثم.

وأكثر العلماء قالوا: الأفضل لبسه في اليمنى وإن صار شعار الرافضة، قالوا: لأنا لو تركنا ما ثبت من السنة لإطباق المبتدعة عليه لجرنا ذلك إلى ترك سنن كثيرة.

وعند الإمام مالك جعله في اليسار أفضل، لأنه كان آخر الأمرين منه - صلى الله عليه وسلم - كما قاله البغوي في شرح السنة وكرهه في اليمنى.

والسنة جعل فصه من باطن كفه لأنه أبعد من الإعجاب، وأصون للفص، ومحل التختم خنصر اليمنى واليسرى، لأنه أبعد من الامتهان فيما يتعاطى باليد، لكونه طرفاً، ولأنه لا يشغل اليد عما يتناوله من أشغالها بخلاف غير الخنصر.

وهل يجوز للرجل أن يلبس الخاتم في غير الخنصر من باقي أصابعه؟

قال الأذرعي: الصحيح التحريم للنهي عن التشبه بالنساء، لكن قال النووي في شرح مسلم: لا يحرم لكن يكره كراهة تنزيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>