للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن ما فيه من صفات الكمال محمودة عند كل عاقل، وكان كفار قريش يقلبون اسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويجعلون مكان محمداً مذمماً.

فقد جاء في هذا الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذمماً ويلعنون مذمماً، وأنا محمد» (١) .

وكانت العوراء زوجة أبي لهب تقول: مذمماً قلينا، ودينه أبينا، وأمره عصينا.

وسماه «محمداً» جده عبد المطلب فقد نقل بعض العلماء: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ولدته أمه قيل لجده عبد المطلب: ما سميت ولدك؟ قال: محمد. فقيل له: كيف سميته باسم ليس لأحد من أبائك وقومك؟ قال: لأني أرجو أن يحمده أهل الأرض كلهم (٢) .

وسبب تسميته بمحمد أنه رأي في المنام كان سلسلة من فضة خرجت من ظهره لها طرف في السماء، وطرف في المشرق، وطرف في المغرب، ثم عادت كأنها شجرة، على كل ورقة منها نور، وإذا أهل المشرق والمغرب كأنهم يتعلقون، فقصها عبد المطلب على المعبرين فعبروها له بمولود يتبعه أهل المشرق والمغرب، ويحمده أهل السماوات والأرض فلذلك سماه محمداً (٣) .

وقالت أمة لجده عبد المطلب لما حملت به - صلى الله عليه وسلم -: سمعت قائلاً يقول: «إنك قد حملت سيد هذه الأمة، فإذا وضعتيه فسميه محمداً، فسماه محمداً (٤) .

فائدة أخرى: قال القاضي عياض حمى الله هذين الإسمين يعني «محمد وأحمد» من أن يتسمى بهما أحد قبل زمانه.

أما اسمه «أحمد» الذي ذكره الله في كتابه، وبشر به عيسى بن مريم، فمنع الله بحكمته أن يسمى به أحد غيره، ولا يدعى به مدعواً قبله، حتى لا يدخل اللبس ولا الشك فيه على ضعيف القلب.

وأما اسمه «محمد» فلم يتسم به أحد من العرب ولا غيرهم إلا حين شاع قبيل


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٣/١٢٩٩، رقم ٣٣٤٠) ، والنسائي في سننه (٦/١٥٩، رقم ٣٤٣٨) ، والحميدي في مسنده (٢/٤٨١ رقم ١١٣٦) ، وأحمد في مسنده (٢/٣٦٩، رقم ٨٨١١) ، والبيهقي في السنن الكبرى (٨/٢٥٢، رقم ١٦٩٢٠) .
(٢) انظر: الروض الأنف (١/٢٨٠) .
(٣) انظر: الروض الأنف (١/٢٨٠) .
(٤) انظر: الروض الأنف (١/٢٨٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>