قيل: إن جبريل شق له السقف فرفعه إلى السماء، وألقى شبهه على مطيانوس فقتلوه وصلبوه، فما وصل مطيانوس إلى الخشبة إلا وعيسى قد وصل إلى السماء الرابعة، وكان شبه عيسى على وجهه فقالت اليهود: هذا وجه عيسى والبدن بدن مطيانوس فأين رأسه، وهذا رأس عيسى فأين بدنه.
وقيل: إن قوماً من اليهود قالوا: إنا رأينا عيسى مرتفعاً إلى السماء، وما صلبنا إلا صاحبنا، فقتلهم اليهود لما قالوا هذا القول.
فائدة أخرى: قال العلامي في تفسيره في سورة مريم قال قتادة: لما رفع عيسى عليه الصلاة والسلام إلى السماء اجتمع أربعة من فقهاء قومه فقالوا للأول ما تقول في عيسى؟ قال: هو الله أهبط إلى الأرض فخلق ما خلق ثم ارتفع إلى السماء، فتبعه قوم وكذبه الثلاثة، ثم قالوا للثاني: ما تقول في عيسى؟ قال: هو ابن الله فتبعه قوم وكذبه الآخران، ثم قالوا للثالث: ما تقول في عيسى؟ قال هو إله وأمه إله والله إله فتبعه قوم وكذبه الرابع وقال: بل هو عبد الله ورسوله، فاختصم القوم فقال: أتعلمون أن عيسى يأكل ويشرب؟ قالوا: نعم، قال: أتعلمون أن الله لا يأكل ولا يشرب؟ قالوا: نعم، قال: أتعلمون أن عيسى ينام؟ فقالوا: نعم، أتعلمون أن الله لا ينام؟ قالوا: نعم فغلبهم الرابع - رضي الله عنه -.
وها هنا سؤال وهو: أن يقال إن قوله تعالى: ?إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ? [آل عمران: ٥٥] يدل على أنه رفع إلى السماء بعد موته، أجاب العلماء عنه بأجوبة:
الأول: أن الواو لا تفيد الترتيب، فكأنه سبحانه وتعالى قال: إني رافعك إلي ومتوفيك عند انقضاء أجلك، فإن اليهود لما هددوه بالقتل بشره الله بأني عاصمك من أن يقتلك الكفار، ومؤخرك إلى أجل كتبته لك، وقابضك بالوفاة لا بالقتل بأيدي اليهود.
الثاني: إن معنى «متوفيك» أني متوفي نفسك بالنوم كقوله تعالى: ?اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا? [الزمر: ٤٢] ورافعك إلى السماء وأنت نائم، حتى لا يلحقك خوف بل تستيقظ وأنت في السماء آمن مقرب.
سؤال: فإن قيل: كم كان عمر عيسى لما رفع إلى السماء؟