للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر ابن رجب في اللطائف أن عبد الواحد بن زيد لما جلس للوعظ أتته امرأة من الصالحات فأنشدته:

يا واعظاً قام لاحتساب ... يزجر قوماً عن الذنوب

تنهى وأنت المريب حقاً ... هذا من المنكر العجيب

لو كنت أصلحت قبل هذا ... عيبك أو تبت عن قريب

كان لما قلت يا حبيبي ... موقع صدق من القلوب

تنهى عن الغي والتمادي ... وأنت في النهي كالمريب

وقال بعضهم: العالم الذي لا يعمل كالمريض الذي يصف الدواء، والجائع الذي يصف لذائذ الأطعمة، ولم يجدها عنده.

وهذا مثل قوله تعالى: ?وَلَكُمُ الوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ? [الأنبياء: ١٨] .

ولقد أحسن من قال:

وغير تقي يأمر الناس بالتقى ... طبيب يداوي الناس وهو سقيم

يا أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم

ما زلت تلقح بالرشاد عقولنا ... صفة وأنت من الرشاد عديم

تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا ... كيما تصح به وأنت سقيم

فابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك يقبل إن وعظت ويقتدي ... بالقول منك وينفع التعليم

لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم

وقال ابن السماك: كم من مذكر بالله ناس لله، وكم من مخوف بالله جريء على الله، وكم من مقرب إلى الله بعيد من الله، وكم من داع إلى الله فار من الله، وكم من تال لكتاب الله منسلخ من آيات الله (١) .

وقال عيسى - عليه السلام -: مثل الذي يتعلم العلم ولا يعمل به كمثل امرأة زنت في السر فحملت فظهر حملها فانفضحت، وكذلك من لم يعمل بعلمه يفضحه الله تبارك وتعالى يوم القيامة على رؤوس الأشهاد (٢) .


(١) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٢/٣١٣، رقم ١٩١٦) .
(٢) أورده المناوي في فيض القدير (٢/٤٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>