للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «أن يرفع العلم» ليس المراد برفع العلم محوه من صدور الحفاظ وقلوب العلماء، فإن الله سبحانه وتعالى لا يهب العلم لخلقه ثم ينتزعه منهم، بعد أن تفضل عليهم به تعالى الله أن يسترجع ما وهب من علمه الذي يؤدي إلى معرفته والإيمان به وبرسله، وإنما يكون قبض العلم بموت العلماء وعدم المتعلمين، فلا يوجد فيمن يبقى من يخلف من مضى، وقد أنذر عليه الصلاة والسلام بقبض الخير كله، ولا ينطق عن الهوى.

والذي يدل على أن المراد برفع العلم موت العلماء ما يأتي في هذا الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بموت العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتنخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» (١) .

وقد جاءت أخبار من الكتاب والسنة وغيرها أن موت العلماء نقص في الدين، وعلامة لحلول البلاء المبين.

قال الله تعالى: ?أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا? [الرعد: ٤١]

قال عطاء وجماعة: نقصانها موت العلماء وذهاب الفقهاء (٢) .

وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء، ما اختلف الليل والنهار» (٣) .


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١/٥٠، رقم ١٠٠) ، ومسلم في صحيحه (٤/٢٠٥٨، رقم ٢٦٧٣) ، والترمذي في سننه (٥/٣١، رقم ٢٦٥٢) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه في سننه (١/٢٠، رقم ٥٢) ، وأحمد في مسنده (٢/١٦٢، رقم ٦٥١١) ، وابن أبي شيبة في المصنف (٧/٥٠٥، رقم ٣٧٥٩٠) ، والدارمي في سننه (١/٨٩، رقم ٢٣٩) ، وابن حبان (١٠/٤٣٢، رقم ٤٥٧١) عن ابن عمر.
وأخرجه الخطيب في التاريخ (٥/٣١٢) ، والبزار كما في محمع الزوائد (١/٢٠١) كلاهما عن عائشة. قال الهيثمي (١/٢٠١) : فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف، ووثقه عبد الملك بن سعيد بن الليث.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (٦/٢٧٧، رقم ٦٤٠٣) ، قال الهيثمي (١/٢٠١) : فيه العلاء بن سليمان الرقي ضعفه ابن عدي وغيره. وابن عدي (٥/٢٢٣ ترجمة ٣٧٩ العلاء بن سليمان الرقى) وقال: منكر الحديث ويأتي بمتون ولها أسانيد لا يتابعه عليها أحد. كلاهما عن أبي هريرة.
(٢) أورده البغوي في تفسيره (٣/٢٤) .
(٣) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٢/٢٦٨، رقم ١٧١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>