للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب رفع العلم وظهور الجهل

قَالَ البُخَارِي: وقال ربيعة: لا ينبغي لأحد عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه (١) .

هذا تعليق من البخاري بصيغة الجزم الدالة على أنه من تصحيحات التعلقيات، لا من تمريضاته ومعناه: لا ينبغي لمن عنده شيء من العلم ولو كان قليلاً أن يضيع نفسه، بأن لا يفيد الناس ولا يسعى في تعليم الخير.

وفيه دليل على أنه يندب للإنسان إذا كان في البلد مثله في العلم أن يقضي بين الناس إذ علم أنه يزول خموله وينتشر علمه بذلك.

حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا» (٢) .

قوله: «إن من أشراط الساعة» أي: من علاماتها، فإن الأشراط جمع شرط بفتح الشين، والراء، وهي العلامة.


(١) للحافظ ابن حجر عند شرحه لهذا الأثر فوائد عظيمة منها:
قوله: «وقال ربيعة» : هو ابن أبي عبد الرحمن الفقيه المدني، المعروف بربيعة الرأي قيل له ذلك لكثرة اشتغاله بالاجتهاد.
ومراد ربيعة أن من كان فيه فهم وقابلية للعلم لا ينبغي له أن يهمل نفسه فيترك الاشتغال، لئلا يؤدي ذلك إلى رفع العلم.
أو مراده الحث على نشر العلم في أهله لئلا يموت العالم قبل ذلك فيؤدي إلى رفع العلم.
أو مراده أن يشهر العالم نفسه ويتصدى للأخذ عنه لئلا يضيع علمه.
وقيل مراده تعظيم العلم وتوقيره، فلا يهين نفسه بأن يجعله عرضا للدنيا. وهذا معنى حسن. انظر فتح الباري (١/١٧٨) .
(٢) للحافظ ابن حجر عند شرحه لهذا الأثر فوائد منها:
قوله: «أشراط الساعة» : أي علاماتها، وهذه العلامات منها ما يكون من قبيل المعتاد، ومنها ما يكون خارقا للعادة.
قوله: «أن يرفع العلم» : المراد برفعه موت حملته.
قوله: «ويثبت» : أي ينتشر.
قوله: «ويشرب الخمر» : المراد كثرة شرب الخمر واشتهاره.
قوله: «ويظهر الزنا» : أي يفشو. انظر فتح الباري (١/١٧٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>