للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَالَمِينَ? [الأعراف: ٨٠] .

وقال تعالى: ?أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ العَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ? [الشعراء: ١٦٥، ١٦٦] .

وكان فعلهم بهذه الفاحشة بتعليم إبليس لعنة الله.

وقال الحسن: لا ينكحون إلا الغرباء وكانت الغرباء يقصدون بلادهم لأنها كانت مخصبة.

وقيل: إن إبليس تمثل لهم في صورة شاب ثم دعاهم إلى دبره فنكح في دبره، فتعلموا منه واستمروا على هذه الفاحشة، فإبليس أول عمل هذه الفاحشة، فإنهم كانوا يدخرون الغلة ويطلبون بها الغلاء، فإذا عز الطعام قصد الناس إليهم من أطراف الدنيا فقال لهم إبليس لعنة الله: إني حكيم بأحوال السنين القادمة وسيكون فيها الغلاء الشديد، ولا تنبت الأرض لكم حب الحصيد، فاحفظوا ما عندكم، وامتنعوا من بيع غلتكم إن أردتم سلامة أنفسكم وأهليكم، فإذا انقضت المدة أعلمتكم وأمرتكم بالبيع فيحصل لكم الطعام الجزيل بالطعام القليل، فاقطعوا عنكم الغرباء وامنعوهم البيع والشراء، وإنهم لا ينقطعون حتى تفعلوا ما أقول لكم، كل غريب يأتي أرضكم فلوطوا به، شيخاً كان أو صبياً، سمحاً أو سرياً، ففعلوا ذلك بكل من يجئ، فلم يبق منهم أحد إلا وفعل ذلك.

فلهذا قيل: كانوا يجلسون في مجالسهم وعند كل رجل منهم قصعة فيها حصى فإذا مر عابر سبيل حذفوه بالحصى فأيهم أصابه كان أولى به، فيأخذ ما معه ويغرمه ثلاثة دراهم وينكحه، ولهم قاض بذلك.

هذا هو المنكر الذي نبه الله سبحانه وتعالى أنهم كانوا يفعلون بقوله جل ذكره: ?وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ المُنكَرَ? [العنكبوت: ٢٩] .

وقيل: المنكر الذي كانوا يفعلون أنهم كانوا يسخرون بأهل الطريق.

وقيل: المنكر أنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم.

وقيل: المنكر أنهم كانوا يبصق بعضهم على بعض.

وقيل: المنكر أنه كان يجامع بعضهم بعضاً في مجالسهم.

وكان لوطا - عليه السلام - يدعوهم فلا يجيبون، ويعظهم فلا يرجعون ولا يتعظون، ويزجرهم فلا ينزجرون، وكان إبراهيم الخليل يزور لوطاً في كل عام، ويحذرهم الله وهم مصرون على معصيته، ثم نزلت الملائكة على إبراهيم فقال: ?قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>