وقريب من هذه الفضيلة ما نقل عن ابن عباس قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا بطائر في فمه لوزة خضرة، مكتوب عليها بالأصفر لا إله إلا الله محمد رسول الله نصرته بعلي.
وأما زهده فقد نقل: أن قوته كان دقيق الشعير فيأخذ منه قبضه فيضعها في قدح، ثم يصيب ماء ويشرب.
وكان - رضي الله عنه - يوماً جالساً فجاءه التياح فقال: يا أمير المؤمنين امتلأ بيت المال من صفراء وبيضاء فقال: الله أكبر فقام ونادى في الناس فأعطى ما في بيت المال لفقراء المسلمين، وهو يقول: يا صفراء يا بيضاء غري غيري ها وها، حتى ما بقي منه دينار ولا درهم، ثم أمر بنضحه وصلى فيه ركعتين رجاء أن يشهد له يوم القيامة (١) .
قال الأرقم: رأيت علياً - رضي الله عنه - وهو يبيع سيفاً له في السوق ويقول: من يشتري مني هذا السيف، فوالذي فلق الحبة لطالما كشفت به الحروب عن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو كان عندي ثمن إزار ما بعته.
وأما كرماته فكثيرة:
منها ما ذكره في شوارد الملح: أن رجلاً قال لعلي إني أريد السفر وأخاف من السبع، فدفع إليه خاتمة وقال له: إذا جاءك السبع فقل له: هذا خاتم علي بن أبي طالب. فلما سافر الرجل وجاءه السبع فقال له: هذا خاتم علي بن أبي طالب، فرفع السبع رأٍسه إلى السماء وهمهم، ثم نظر إلى الأرض وهمهم، ثم نظر إلى المشرق وكذلك إلى المغرب، ثم ذهب مهرولاً، فلما رجع الرجل من سفره أخبر علياً عن السبع بما فعل، قال: أتعرف ماذا قال بنظره إلى هذه الجهات الأربع؟ فقال: الله ورسوله أعلم وابن عم رسوله أعلم، فقال: إنه قال حين رفع نظره إلى السماء: وحق من رفعها، وحين نظر إلى الأرض: وحق من وضعها، وحين نظر إلى المشرق: وحق من أطلعها، وحين نظر إلى المغرب: وحق من غيبها ما أسكن في بلاد يشكوني فيها لعلي بن أبي طالب.
ومن كراماته التي ظهرت له وهو في بطن أمه ما ذكره النسفي: أن أمه لما حملت به كانت إذ ذاك تعبد الأصنام، فكانت إذا أرادت السجود للصنم يعترض في بطنها فيمنعها من السجود للصنم.
(١) أخرجه أحمد في فضائل الصحابة (١/٥٣١، رقم ٨٨٤) ، وأبو نعيم في الحلية (١/٨١) .