قال بعضهم: فذلك يقال له دون غيره من الصحابة: كرم الله أي: كرم الله وجهه من السجود للصنم في حال كونه حملاً وبعد انفصاله.
ومن كراماته التي وقعت له وهو رضيع ما ذكره ابن الجوزي: أنه كان - رضي الله عنه - في مهده فقصدته حية فانحدر من مهده ونزل إليها وقتلها، فتعجبت أمه من ذلك فسمعت هاتفاً يقول: هذا حيدرة انحدر من مهده إلى عدوه فقتله.
ومنها: ما ذكره النسفي أن فاطمة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله إن علياً ينام ليلة الجمعة وهي ليلة فضيلة، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى تصدق عليه بنومه ليلة الجمعة، وإن الله تعالى يخلق من روحه إذا هو نام طيراً أخضر يسرح إلى طرق السماء، فما منها موضع شبر إلا وفيه لروح علي ركعة أو سجدة» .
قال النسفي فلذلك كان يقول: سلوني عن طريق السماوات فإني أعلم بها من طريق الأرض، فلما قال ذلك يوماً جاءه جبريل في صورة رجل ليختبره فقال: إن كنت صادقاً فأخبرني أين جبريل؟ فنظر علي - رضي الله عنه - في السماء يميناً وشمالاً ثم إلى الأرض كذلك فقال: ما وجدته في السماء ولا في الأرض، ولعله أنت.
وأما علمه - رضي الله عنه - فقد كان غزير العلم، ومما وقع له من الغرائب في العلم ما قاله ابن العماد في الذريعة والمحب الطبري وغيرهما قالا: جلس رجلان يأكلان ومع أحدهما خمسة أرغفة، ومع الآخر ثلاثة فخلطا الأرغفة فمر بهما رجل فسلم عليهما، فقالا له: اجلس وكل معنا، فجلس وأكل معهما واستووا في أكلهم الأرغفة الثمانية، فلما فرغوا قام الرجل القادم عليهما وطرح لهما ثمانية دراهم وقال: خذا هذا عوضاً عما أكلت لكما من خبزكما، فتنازع صاحب الخمسة أرغفة وصاحب الثلاثة في الثمانية دراهم، فقال صاحب الخمسة أرغفة: لي خمسة دراهم ولك ثلاثة، فقال صاحب الثلاثة: لا أرضى إلا أن تكون الدراهم بيننا نصفين، لك أربعة ولي أربعة فارتفعا إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقصا عليه القصة، فقال لصاحب االثلاثة: إرض بثلاثة دراهم فإن خبز رفيقك أكثر من خبزك، فخذ منه الثلاثة ودع له الخمسة، فقال: لا والله لا رضيت إلا بمر الحق، فقال علي - رضي الله عنه -: ليس لك بمر الحق إلا درهم واحد وله سبعة، فقال الرجل سبحان الله يا أمير المؤمنين هو يعطيني ثلاثة وما أرضى بها وتقول الآن ليس لك إلا واحد، فقال له علي - رضي الله عنه -: أليس الثمانية أرغفة أربعة وعشرين ثلثاً أكلتموها وأنتم ثلاثة أنفس على السواء؟ قال: بلى قال: فأكلت أنت ثمانية أثلاث يبقي لك واحد، فإن لك تسعة أثلاث لأن لك ثلاثة أرغفة إذا جعلت أثلاثا كانت تسعة، وأكل صاحبك ثمانية