للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الحديث المقيد بالعمدية.

الثالثة: ذهب الإمام أبو محمد الجويني إلى أن من كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - عمداً يكفر ويراق دمه.

واختاره الإمام ناصر الدين ابن المنير (١) ووجهه: بأن الكاذب عليه في تحليل حرام مثلاً لا ينفك عن استحلال الحرام أو الحمل على استحلاله، واستحلال الحرام كفر والحمل على الكفر كفر.

قال ابن حجر: فيما قاله نظر لا يخفى، وذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يكفر إلا إذا اعتقد ذلك واستحله، لكن يفسق كما يفسق مرتكب الكبيرة، قالوا: وما قال الجويني ضعيف، وممن ضعفه ولده إمام الحرمين وقال: من هفوات الوالد.

الرابعة: الكذب على غيره - صلى الله عليه وسلم - من الأنبياء كبائر أيضاً قياساً عليه كما نبه على ذلك القاضي زكريا في كتابه غاية الوصول.

وأما الكذب على غير نبي فهو من الصغائر إلا أن يقترن به ما يصيره كبيرة، كأن يعلم الكاذب على إنسان أنه يقتل بكذبه أو يحد فهو حينئذ من الكبائر.

قال ابن عبد السلام: وعليه يحمل خبر الصحيحين: «إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذاباً» (٢) .

الخامسة: من كذب عليه - صلى الله عليه وسلم - عمداً وحدث فسق وردت رواياته كلها، وبطل الاحتجاج بجميعها.


(١) هو: ابن المنير السكندري واسمه: أحمد بن محمد بن منصور من علماء الأسكندرية وأدبائها ولي قضاءها وخطابتها مرتين. ولد سنة: ٦٢٠ هـ‍، له تصانيف منها: تفسير حديث الاسراء على طريقة المتكلمين، والانتصاف من الكشاف، وله نظم، وكانت وفاته في سنة: ٦٨٣ هـ‍.
(٢) أخرجه البخاري (٥/٢٢٦١، رقم ٥٧٤٣) ، ومسلم (٤/٢٠١٢، رقم ٢٦٠٧) ، وأبو يعلى (٩/٧١، رقم ٥١٣٨) ، وابن حبان (١/٥٠٨، رقم ٢٧٣) ، والبيهقي (١٠/٢٤٣، رقم ٢٠٩٢٧) عن ابن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>