للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو تاب وحسنت توبته قال الإمام أحمد وجماعة من الشافعية: لا تقبل رواياته أبداً بل يحتم جرحه دائماً.

ورده النووي وقال: هذا مخالف للقواعد، والمختار القطع بصحة توبته وقبول روايته بعدها، قال: بدليل أن العلماء أجمعوا على صحة رواية من كان كافراً وأسلم، وعلى قبول شهادة تحملها كافر ثم أداها بعد الإسلام، كما إذا تحملها صبي وأداها بعد البلوغ، وكما إذا تحملها وأداها بعد التوبة.

السادسة: لا فرق في تحريم الكذب عليه - صلى الله عليه وسلم - بعد ما كان في الأحكام وغيره كالترغيب والترهيب فكله حرام بإجماع من يعتد به.

وأما ما ذهب إليه الكرَّامية من جواز الوضع عليه - صلى الله عليه وسلم - في الترغيب والترهيب، فهو مذهب باطل.

قال شيخ الإسلام ابن حجر: وقد اغتر قوم من الجهلة فوضعوا أحاديث في الترغيب والترهيب وقالوا: نحن لم نكذب عليه بل فعلنا ذلك لتأييد شريعته، وما دروا أن تقويله - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقل يقتضي الكذب على الله تعالى لأنه إثبات حكم من الأحكام الشرعية سواء كان الإيجاب أو الندب وكذا مقابلتهما.

السابعة: من روى حديثاً ظن أو علم أنه موضوع، ولم يبين حال رواته وضعفهم فهو داخل في هذا الوعيد، وقد صرح بهذا في حديث آخر وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين» (١) .

الثامنة: يدخل في وعيد هذا الحديث من قرأ الحديث ولحن فيه، ولهذا قال العلماء: ينبغي للراوي أن يعرف من اللغة والنحو والأسماء ما يسلم من قول ما لم يقل.

وروى ابن الصلاح بسنده عن الأصمعي أنه قال: إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار» لأنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يلحن، فمهما رويت عنه


(١) أخرجه ابن ماجه (١/١٤، رقم ٣٨) عن علي.
وأخرجه مسلم (١/٨) ، وابن ماجه (١/١٥ رقم ٣٩) ، والطيالسي (١/١٢١ رقم ٨٩٥) ، وابن حبان (١/٢١١، رقم ٢٩) عن سمرة.
وأخرجه مسلم (١/٨) ، والترمذي (٥/٣٦، رقم ٢٦٦٢) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه (١/١٥، رقم ٤١) ، وأحمد (٤/٢٥٠، رقم ١٨٢٠٩) ، والطبراني في الكبير (٢٠/٤٢٢، رقم ١٠٢١) عن المغيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>