قوله:«إِنَّ نَوْفاً الْبِكَالِىَّ» : قال العلماء: نوفا هذا هو ابن فضالة، وكنيته أبو زيد وقيل: أبو رشيد، وهو ابن امرأة كعب الأحبار، وقيل: ابن أخيه.
قال ابن رجب: وهو ممن أسلم من أحبار اليهود، وهو منسوب إلى بني بكال بطن من حمير، فلهذا يقال له البكالي، وكان من علماء التابعين.
«يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى لَيْسَ بِمُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ. فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ» : معنى هذا: أن سعيد بن جبير قال لابن عباس أن نوفا يزعم أن موسى الذي قص الله تعالى لنا قصته مع الخضر في سورة الكهف، ليس موسى بنى إسرائيل الذي هو موسى بن عمران، بل هو موسى آخر موسى بن ميشا (١) ، فلما سمع ذلك ابن عباس عن نوفا قال عنه:«كذب عدو الله» حيث قال: إنه ليس موسى بن عمران.
وقد استشكل العلماء قول ابن عباس في حق نوفا:«كذب عدو الله» وقالوا: كيف يكون عدو الله وهو مؤمن، وكان عالماً قاضياً إماماً لأهل دمشق.
وأجابوا عنه بأجوبة: أحدها: أن المراد كذب شيطانه الحامل له على هذه المقالة.
ثانيها: أن قول ابن عباس كذب عدو الله خرج مخرج التنفير من كلامه حيث قال: «إن موسى الذي قصد الخضر ليس موسى بن عمران بل موسى آخر» وليس المراد القدح فيه.
ثالثها: أن ابن عباس قاله في حالة الغضب، وحال الغضب تطلق الألفاظ ولا يراد بها حقائقها.
«قال ابن عباس: حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ» : هذا هو الصحابي الجليل الأنصاري الخزرجي، وكان رجلاً قصيراً نحيفاً أبيض الرأس واللحية، شهد العقبة الثانية وبدراً وما بعدها من المشاهد، وكان كاتب الوحي، وهو أحد الستة الذين حفظوا القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحد الفقهاء الذين كانوا يفتون على عهده أيضاً.
ومن فضائله: أنه أقرأ الصحابة لكتاب الله تعالى.
(١) قال ابن حجر في الفتح (١/٢١٩) : قوله: «انما هو موسى آخر» كذا في روايتنا بغير تنوين فيهما، وهو علم على شخص معين قالوا: إنه موسى بن ميشا بكسر الميم وبالشين المعجمة، وجزم بعضهم أنه منون مصروف لأنه نكرة، ونقل عن ابن مالك أنه جعله مثالاً للعلم إذا نكر تخفيفاً.