للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فضائله ومناقبه التي لم يشاركه فيها أحد من الصحابة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أمرني الله تعالى أن أقرأ عليك القرآن» (١) وسنذكر في المجالس الآتية حكمة أمر الله له بالقراءة عليه.

سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد الأنصار، وسماه عمر سيد المسلمين روى له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائه حديث وأربعة وستون حديثاً، ذكر البخاري منها سبعة أحاديث مات سنة تسع عشرة أو عشرين أو ثلاثين بالمدينة.

«عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: قَامَ مُوسَى النَّبِىُّ» : قال العلماء: كان موسى صلوات الله وسلامه عليه من ذرية إبراهيم الخليل، فإنه موسى بن عمران بن يصهر بن فاهث بن لاو بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وكان عمره حين مات كما قاله ابن الملقن مائة وعشرين سنة.

واختلف العلماء في السبب الذي قصد موسى لأجله الخضر، فقيل سببه: أن موسى سئل ربه فقال: أي رب أي عبادك أحب إليك؟ قال: الذي يذكرني ولا ينساني. قال: فأي عبادك أقضى؟ قال: الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى. قال: أي رب أي عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى علمه، عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى، قال: فهل في عبادك في الأرض أعلم مني؟ قال: نعم، قال: رب من هو؟ قال: الخضر ثم نعته له ودله على مكانه فقصده.

وقيل سببه: أن موسى لما ظهر على فرعون وغلبه وأخذ مصر من القبط، وأهلكهم الله واستقر هو وبنو إسرائيل، أمره الله أن يذكر قومه النعمة فقام «موسى النبي خطيباً في بني إسرائيل، فسئل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا أعلم، فعتب الله عليه، إذ لم يرد العلم إليه» أي: لم يرض الله بقوله أنا أعلم، فإنه كان من حقه أن يرد العلم إلى الله، بأن يقول: الله أعلم به أو يرد برد الملائكة أن يقول: لا علم لنا إلا ما علمتنا، فإن مخلوقات الله لا يعلمها إلا الله قال الله تعالى: ?وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ? [المدثر: ٣١] .

وليس معنى العتب هنا المؤاخذة وتغير النفس، فإن ذلك في حق الله مستحيل.

«فأوحى الله إليه» : لما لم يرد العلم إليه.


(١) أخرجه الطبراني في الأوسط (٢/٨٨، رقم ١٣٣٧) عن أبي بن كعب.
وأخرجه البخاري (٤/١٨٩٦، رقم ٤٦٧٦) ، ومسلم (١/٥٥٠، رقم ٧٩٩) ، والنسائي في الكبرى (٥/٦٦، رقم ٨٢٣٨) ، وأحمد (٣/٢١٨، رقم ١٣٣١٠) عن أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>