للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: قام يوشع بن نون وتوضأ من عين الحياة فانتضح على الحوت المالح في المكتل من ذلك الماء فعاش.

وقيل: أصابه روح الماء وبرده فاضطرب في المكتل وعاش.

«فانسل الحوت من المكتل» أي: فخرج منه فسقط في البحر كما قال تعالى: ?فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَباً? [الكهف: ٦١] أي: ذهب في البحر ذهاباً.

قيل: وأمسك الله جرية الماء على الحوت فصار عليه مثل الطاق أي: مثل عقد البناء وهو: ما ترك تحته خالياً وعقد أعلاه بالبناء.

فائدة: اتفق هنا معجزتان:

إحداهما: حياة السمكة المملوحة المأكول منها.

والثانية: صيرورة الماء مثل السرب المحفور تحت الأرض كما جاء في رواية: «فجعل الماء لا يلتئم حتى صار كالكوة» .

وهاتان المعجزتان إما موسى أو للخضر. «وكان لموسى وفتاه عجباً» .

فائدة: قال الدميرى: قال أبو حيان الأندلسي: رأيت سمكة بقرب مدينة «سبته» من نسل الحوت الذي أكل منه موسى وفتاه بصفته، فأحياه الله تعالى فاتخذ سبيله في البحر سرباً، ونسلها في البحر إلى الآن في ذلك الموضع، وهي سمكة طولها أكثر من ذراع، وعرضها شبر واحد أحد جنبيها شوك وعظام، وجلد رقيق على أحشائها وعينها ورأسها نصف رأس، من رآها من هذا الجانب استنفرها، ويحسب أنها مأكوله، ونصفها الآخر صحيح، والناس يتبركون بها ويهدونها إلى الأماكن البعيدة.

ومن غريب ما روى أيضاً: أن بعض المفسرين ذكر أن موضع سلوك الحوت عاد حجراً طريقاً وإن موسى مشى عليه تبعاً للحوت حتى أفضى به ذلك الطريق إلى جزيرة في البحر فيها وجد الخضر.

فلما استيقظ موسى نسى صاحبه يوشع أن يخبره بالحوت.

«فانطلقا بقية ليلتهما ويومهما» وفي رواية في البخاري في التفسير وفي مسلم أيضاً: «فانطلقا بقية يومهما وليلتهما» (١) وهو الصواب وكما قاله البرماوي وابن الملقن لقوله: «فلما أصبح» .


(١) أخرجه البخاري (٤/١٧٥٢، رقم ٤٤٤٨) ، ومسلم (٤/١٨٤٧، رقم ٢٣٨٠) ، والترمذي (٥/٣٠٩، رقم ٣١٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>