وجاء في رواية: «حتى إذا كان من الغد وارتفع النهار حتى جاء وقت الظهر» .
«قال موسى لفتاه آتنا غدآءنا» والغداء: بفتح الغين المعجمة والممدودة الطعام الذي يؤكل أول النهار.
«لقد لقينا من سفرنا هذه نصبا» أي: تعباً، وإنما حصل لسيدنا موسى التعب والجوع بعد مفارقة الحوت لا قبله، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ولم يجد موسى مساً من النصب حتى جاوز المكان الذي أُمر به» .
والحكمة في حصول التعب له والجوع بعد مفارقة الحوت حتى يطلب الغداء، فيذكر فيه نسيان الحوت، فيرجع إلى محله فيجتمع بمراده.
قال أبو الفضل الجوهري: مشى موسى - عليه السلام - للمناجاة أربعين يوماً لم يحتج إلى طعام، ولما مشى إلى بشر لحقه الجوع.
«فقال لفتاه» يوشع لما طلب منه الغداء «أرأيت إن أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت» أي: لما نمنا عند الصخرة نسيت الحوت.
سؤال: فإن قيل: كيف نسى يوشع الحوت ومثله لا ينسى، لكونه أمارة على مرادهما.
جوابه: أن الشيطان قد شغله بوسواسه حتى نسي، ولذلك قال: ?وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ? [الكهف: ٦٣] .
«قال موسى» له لما استمع قوله: فإني نسيت الحوت «ذلك ما كنا نبغ» أي: فقدنا للحوت هو الذي كنا نطلبه، لأنه علامة على وجود مطلوبنا.
«فارتدا على آثارهما قصصاً» أي: فرجعا يقتصان الآثار حتى وصلا إلى الصخرة.
«فلما أتيا إلى الصخرة» أراه مكان فقد الحوت.
«إذا برجل مسجى بثوب، أو قال: تسجى بثوبه» أي: فلما وصل إلى الصخرة وإذا بالخضر مغطىً بثوب كله كتغطية الميت وجهه ورجله وجميعه، كما جاء في رواية أخرى: «قد تسجى بثوب قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه» .
وقال الثعلبي: فانتهى موسى وفتاه إلى الخضر وهو نائم على طنفسة خضراء، على وجه الماء، وهو مسجي بثوب أخضر.
وفي صحيح البخاري (١) : «فأتيا جزيرة فوجدا الخضر قائماً يصلي على طنفسة
(١) وقع في الأصل صحيح مسلم ولم نقف على هذه الرواية في صحيح مسلم فلعل الصواب ما أثبتناه.