فقيل: هي «أنطاكية» وعليه ابن عباس وأكثر العلماء والمفسرين.
وقيل: هي قرية من قري الروم تسمى «الناصورة» وإليها ينسب النصاري.
وقيل:«آيلة» وهي: أبعد الأرض من السماء.
وكان دخولهما قبل غروب الشمس، وكانوا محتاجين إلى الطعام مفتقرين إلى تحصيله، إما بكسب أو سؤال، وقد مستهما الحاجة إليه، لأن ذلك الوقت كان وقت جدب واضطرار.
فلما دخلا القرية «استطعما أهلها» أي: طلبوا منهم الطعام ضيافة، «فأبوا أن يضيفوهما» فإنهم كانوا لئاماً.
وقد روى أبي بن كعب أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في قوله: ?فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا? [الكهف: ٧٧] قال: «كانوا أهل قرية لئاماً» قال قتادة: شر القرى التي لا تضيف الضيف ولا تعرف لابن السبيل حقه.
فلم يجدوا تلك الليلة في تلك القرية قرى (١) ولا مأوى، وكانت ليلة باردة فالتجئوا إلى حائط على شارع «يريد أن ينقض» أي: يقرب أن يسقط لميلانه كما أشار الله إلى ذلك بقوله: ?فَوَجَدَا فِيهَا جِداَراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ? [الكهف: ٧٧] ، ولم يزل أهل القرية وغيرهم من الناس يمر تحته على خوف منه، وكان قد بناه رجل صالح.
قال الثعلبي: وكان سمك ذلك الحائط مائتي ذراع بذارع ذلك القرن، وكان طوله على وجه الأرض خمسمائة ذراع، وكان عرضه خمسون ذراعاً فأقامه الخضر لما رآه مائلاً.
واختلف العلماء في كيفية إقامته، فقيل: هدمه ثم قعد يبنيه، وقيل: دفعه بيده ثم قعد يبنيه، وقيل: دفعه بيده فقام، وقيل: مسحه بيده فاستقام كما قال في هذا الحديث: «قال الخضر بيده، فأقامه» أي: أشار إليه بيده فأقامه، قيل: في هذا الذي فعله الخضر دلالة على أنه نبي، لأن إقامة هذا الجدار بإشارة من يده معجزة عظيمة، وأجاب عنه الكرماني: بأنه يحتمل أن يكون ذلك كرامة تصدر من الولي، فلا دلالة فيه على أنه نبي.
«فقال له موسى» لما أقام الجدار وأصلحه: قوم استضفناهم فلم يضيفونا مع شدة احتياجنا إلى الطعام فأصلحت جدارهم بلا ضيافة منهم.