فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ? وكان هو كافراً، وكان ابن عباس يقرأ هذه الآية ?وَأَمَّا الغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ?.
وفي صحيح مسلم: «وأما الغلام فطبع يوم طبع كافراً، وكان أبواه قد عطفاً عليه فلو أنه أدرك أرهقهما طغياناً وكفراً» .
وهذا بمعنى قول الخضر ?فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً? أي: فعلمنا أنه لو أدرك وبلغ لدعى أبويه إلى الكفر، فيجيبانه ويدخلان معه في دينه لفرط حبهما إياه فيدخلان النار، والطغيان: الزيادة في الضلال.
ثم قال الخضر: ?فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً? أي: وأوصل للرحم وأبر بوالديه.
قال الثعلبي: فأبدلهما الله جارية مؤمنة أدركت يونس بن متى، فتزوجها نبي من الأنبياء فولدت له نبياً فهدى الله تعالى على يديه أمة من الأمم.
وري عن جعفر الصادق عن أبيه أنه قال: أبدلهما جارية ولدت سبعين نبياً.
ثم أخذ يبين له حال الجدار فقال كما قال الله تعالى: ?وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ? وكان اسم الغلامين: «أصرم، وصريم» .
?وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا? واختلف العلماء في ذلك الكنز أي شيء كان:
فقيل: كان صحفاً مدفونة تحته فيها علم.
وقيل: كان لوحًا من ذهب مكتوب في أحد شقية: «بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن يؤمن بالرزق كيف يتعب، وعجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل، وعجبت لمن يعرف الدنيا وتقلبها كيف يطمئن إليها، لا إله إلا الله محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي شقه الآخر أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي، خلقت الخير والشر، فطوبى لمن خلقته للخير وأجريته على يديه، والويل لمن خلقته للشر وأجريته على يديه» رواه عطاء عن ابن عباس.
وقال أكثر العلماء: إن الكنز كان ملآناً بذهب وفضة وهو الظاهر من إطلاقه.
ثم قال: ?وَكَانَ أَبُوهُمَا? شيخاً ?صَالِحاً? أي: أميناً تقياً، فحفظا بصلاح أبيهما ولن يذكر منهما صلاحاً، وكان بينهما وبين الأب الذي حفظا به سبعة آباء.
قال محمد بن المنكدر: إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده وبقعته التي