من لدني عذراً» .
استنبط الإمام النووي وغيره من قصة موسى والخضر فوائد كثرة:
قالوا: فيه دلالة على استحباب الرحلة للعلم وفضيلة طلبه.
وفيه: دلالة على جواز النزول للسفر.
وفيه: دلالة على أنه ينبغي للإنسان أن يستعمل الأدب مع العالم، وأن يحترم المشايخ، وأن يترك الاعتراض عليهم، وأن يؤول ما لم يفهم ظاهره من أقوالهم وأفعالهم، وأن يوفي بما عاهدهم عليه، وأن يعتذر لهم عند مخالفتهم.
وفيه: دلالة على أنه يجوز للإنسان أن يطلب من غيره الطعام عند احتياجه إليه.
وفيه: دليل على إثبات كرامات الأولياء.
وفيه: دليل على جواز الإجازة، وعلى جواز ركوب السفينة، وعلى جواز ركوبها بغير أجرة برضا صاحبها.
وفيه: دليل على أن الشرع إنما يحكم بالظاهر حتى يتبين خلافه.
وفيه: دليل على أن الكذب: الإخبار على خلاف الواقع عمداً أو سهواً خلافاً للمعتزلة (١) .
وفيه: دليل على أنه إذا تعارضت مفسدتان على شيء واحد جاز دفع أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما، كمسئله ابن عبد السلام السابقة وغيرها، ولهذا خرق الخضر السفينة لدفع غصبها، فإن الخرق أهون من الغضب.
وفيه: دليل على جواز فساد بعض المال لإصلاح باقيه.
قال العلماء: يجوز خصاء صغار الحيوان المأكول لأجل أن يطيب لحمه، ولا يجوز خصاء كبار المأكول ولا خصاء غير المأكول مطلقاً، وعليهما يحمل حديث النهي عن خصاء البهائم.
وقالوا: يجوز قطع بعض آذان الأنعام للتمييز، قاله ابن الملقن.
وفيه: دليل على جواز التسليم لكل ما جاء به الشرع، وإن كان بعضه لا تظهر حكمته للعقول ولا يفهمه كل الناس، ولو كان ظاهره منكراً، واستفيد هذا من قتل الغلام وخرق السفينة، فإن صورتهما صورة المنكر، وفي نفس الأمر كانا صحيحين
(١) فإنهم يشترطون الكذب عن طريق العمد فقط، ولكن المذهب الحق أن الإخبار بغير الواقع سواء كان عمداً أو سهواً أو غلطاً. قاله النووي في شرح مسلم (١/٩٤) .