للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تكون إلا مخلوقة.

الفائدة التاسعة: اختلف العلماء في الروح هل خلقت قبل الأجساد أو بعدها؟

فقيل: بعدها واستدل بحديث: «لما خلق الله آدم مسح ظهره، فسقط منه كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة امثال الذر» (١) أخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة.

و «النسمة» : الروح.

وبحديث: «إن الله خلق أرواح العباد قبل العباد بألفي عام، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف» (٢) .

لكن قال شيخنا الجلال السيوطي سنده ضعيف جداً.

الفائدة العاشرة: ذهب أهل الملل من المسلمين وغيرهم إلى أن الروح تبقى بعد موت البدن، فهي أبدية، وخالف في ذلك الفلاسفة.

وإذا قلنا ببقائها فهل تفنى عند القيامة ثم تعاد توفيه بظاهر قوله تعالى: ?كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ? [الرحمن: ٢٦] أو لا تفنى؟ حكاهما السبكي في تفسيره المسمي «بالدر النظيم» .

وقال: والأقرب منهما أنها لا تفنى، وإنما تكون حينئذ ممن استثنى الله في قوله: ?إِلاَّ مَن شَاءَ? [النمل: ٨٧] (٣) كما قيل في الحور العين.

وأما قوله تعالى: ?كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ? [آل عمران ١٨٥] فالمراد بموت النفوس: مفارقتها الأجساد وخروجها منها، لا أنها تعدم وتضمحل وتصير عدماً محضاً، بل هي باقية بعد مفارقة الأجساد في نعيم أو في عذاب، وحينئذ فلا إشكال على من يقول ببقائها وعدم فنائها.

الفائدة الحادية عشر: فإن قيل: بأي شيء تتمايز الأرواح بعد مفارقة الأشباح


(١) أخرجه الحاكم (٢/٣٥٥، رقم ٣٢٥٧) وقال: صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أيضا: الترمذي (٥/٢٦٧، رقم ٣٠٧٦) وقال: حسن صحيح. وأبو يعلى (١١/٢٦٣، رقم ٦٣٧٧) .
(٢) أورده ابن القيم في كتاب الروح من طريق ابن مندة (١/١٦٠) عن عمرو بن عبسة.
(٣) والآية بتمامها تدل على هذا المعنى قال الله تعالى: ?وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ? [النمل: ٨٧] .

<<  <  ج: ص:  >  >>