للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب: أنه يصح وضوءه بهذه النية، ويصلي بها جميع الصلوات لأنه نوى ما لا يستباح إلا بالوضوء، وإذا قال: نويت استباحة قراءة القرآن، ودخول المسجد لم يصح وضوءه بهذه النية، فإن قرأته للقران من غير مس المصحف تباح بدون وضوء، وكذلك دخول المسجد يباح بدون الوضوء، نعم يستحب الوضوء لقراءة القرآن ولداخل المسجد، وسنذكر في المجالس الآتية أن الوضوء يستحب في أكثر من أربعين صورة.

الكيفية الثالثة: أن يقول: إني نويت أداء فرض الوضوء، ويكفي أن يقول: «إني نويت أداء الوضوء» بإسقاط لفظه «الفرض» ، ويكفي أن يقول: «نويت فرض الوضوء» بإسقاط لفظه «أداء» ، بل يكفي أن يقول: «نويت الوضوء» .

سؤال: فإن قيل: كيف يصح الوضوء بقول الإنسان: «نويت فرض الوضوء» إذا توضأ قبل دخول الوقت، مع أن وقت الوضوء قبل دخول الوقت سنة وليس بفرض؟

وسؤال آخر وهو: أن يقال: كيف يصح وضوء الصبي بقوله: «نويت فرض الوضوء» والوضوء في حقه ليس بفرض؟

فالجواب عن السؤالين: أنه ليس المراد بالفرض هنا: لزوم الإتيان به، وإلا لامتنع وضوء الصبي بهذه النية بل المراد كونه شرط للصلاة، وشرط الشيء يسمى فرضاً.

هذه الكيفيات الثلاث هي المشهورة، ولنا كيفية أخرى يصح الوضوء بها وهي أن يقول: «نويت الطهارة عن الحدث» ، أو «نويت الطهارة للصلاة» .

فإن قال: «نويت الطهارة» ولم يزد على ذلك، قيل: لا يصح وضوءه لأن الطهارة تكون عن خبث وعن حدث فلا يحصل التميز بقوله: «نويت الطهارة» إلا إذا قال عن الحدث أو للصلاة، ورجحه صاحب الروض.

وقيل: يصح وهو ظاهر كلام الرافعي وقواه النووي في المجموع.

وهذه الكيفيات يتخير فيها السليم وهو من سلم من سلس البول ونحوه، وأما الضرورة كمن حدثه دائم أي: كمن به سلس البول والمستحاضة فلا يكفيه أن يقول: «نويت رفع الحدث» لأن حدثه لا يرتفع بل يكفيه أن يقول: «نويت استباحة الصلاة» مثلاً، أو يقول: «نويت أداء الوضوء» كما صرح في الحاوي الصغير، وحكمه حكم المتيمم، فإذا نوى استباحة الفرض استباحه واستباح النفل، وإن نوى استباحة النفل استباح النفل فقط ولا يصلي به الفرض.

فائدة: يصح الوضوء والصلاة وغيرهما من العبادات بالنية من غير إضافة إلى الله تعالى، فإن العبادة لله تعالى وإن لم يضفها إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>