ويحتاج إلى الجواب عن الحديث.
نعم عند علمائنا الشافعية وضوء وغسل لا يحتاج كل منهما إلى النية وهو وضوء الميت وغسله فإنهما يصحان بلا نية من الغاسل.
بل لنا وضوء آخر مستقل، وغسل آخر مستقل غير وضوء الميت وغسله فيهما النية، بل يصح الوضوء وحده بدونهما، وكذا الغسل وصورته في الوضوء، والغسل من ماء السيل فإن العلماء قالوا: يستحب إذا سال الماء في الوادي أن يغتسل منه وأن يتوضأ، فإن لم يجمعهما وأراد الاقتصار على أحدهما فالاقتصار على الغسل أفضل وبعده الوضوء.
قال الأسنوي: وهل هما عبادتان يشترط فيهما النية أو لا؟ المتجه الثاني أي عدم اشتراط النية فيهما فهذا وضوء لا يجب فيه النية وغسل كذلك، وقد نظمت هذا السؤال فقلت:
يا عالما قد حاز كل الفضل ... بين لنا ما صورة في الغسل
خالية عن نية معتبرة ... في غير غسل ميت مصورة
وفي وضوء مستقل مثله ... فأنت بمن شاع فينا فضله
أبقاك ربي دائماً مفيدا ... مؤيداً على العدا فريدا
ومحل النية: القلب، ويكفي الاقتصار عليه ولو نوى بلسانه وقلبه غافل لا يكفيه ذلك، نعم الأكمل أن ينوي بقلبه ويتلفظ بلسانه، والنية في الوضوء لها ثلاث كيفيات:
الكيفية الأولى: أن يقول المتوضئ: نويت رفع الحدث.
قال فقهاؤنا: ولو كان على الإنسان أحداث كأن بال ولمس ونام ونوى رفع أحديهما بأن قال: نويت رفع حدث النوم مثلاً كفته هذه النية وارتفع حدثه، قال: وإن نوى غير ما عليه كأن نوى رفع حدث النوم مع أنه لم ينم وإنما بال فهل يصح وضوءه بهذه النية وهل يرتفع حدثه؟ فيه تفصيل وهو أن يقال: إن فعل ذلك عمداً لم يصح وضوءه، وإن فعله غلطاً صح.
الكيفية الثانية: أن ينوي استباحة شيء مفتقراً إلى طهر، والشيء المفتقر إلى الطهر الصلاة واستباحة الطواف أو استباحة مس المصحف أو نحو ذلك صح وضوءه.
سؤال: فإن قيل: إذا نوى استباحة شيء مفتقراً إلى طهر، ولكن يتعذر فعله بذلك الوضوء في ذلك الوقت، كمن نوى استباحة الطواف وهو «بحلب» مثلاً، أو استباحة صلاة العيد وهو في «رجب أو شعبان» مثلاً فهل يصح وضوءه أم لا؟