فالحاصل: أنه يجب غسل باطن شعور الوجه كما يجب غسل ظاهر باطن اللحية الكثة، إلا إذا كانت من المرأة والخنثى، هذا إذا كانت في حد الوجه، وأما الشعور الخارجة عن حده كشعر اللحية النازل وشعر العذار والسبال فإن كانت كثيفة وجب غسل ظاهرها فقط، وإن كانت خفيفة وجب غسل الظاهر والباطن منها.
أما النزعتان وهما بياضان يكتنفا الناصية والصدغين، وهما فوق الأذنين متصلان بالعذرين فليسا من الوجه.
فائدة: لو خلق للإنسان وجهان وجب غسلهما، ولو خلق للإنسان رأسان كفاه المسح على بعض أحديهما، والفرق أن الواجب في الوجه غسل جميعه فيجب غسلهما، لحصول المواجهة بهما، والواجب في الرأس مسح بعض ما يسمى رأساً، وذلك يحصل ببعض أحدهما.
الفرض الثالث: غسل اليدين مع المرفقين.
فائدة: في المرفقين لغتان: أحدهما: كسر الميم وفتح الفاء، والثانية: فتح الميم وكسر الفاء.
سؤال: فإن قيل: ما الدليل على وجوب غسل المرفقين مع اليدين؟
فالجواب: الدليل على ذلك قوله تعالى: ?وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ? [المائدة: ٦] والإجماع، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - المبين للوضوء المأمور به، فإنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ فغسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم اليسرى حتى أشرع في العضد.
فإن قيل: لا دليل في الآية على وجوب غسل المرفقين مع اليدين، لأن «إلى» لنهاية الغاية، والغاية لا تدخل في المغيا؟
فالجواب: أن اليد حقيقة من رؤوس الأصابع إلى المنكب على الأصح، فإما أن تجعل اليد في الآية مجازاً إلى المرفق، وتدخل الغاية في المغيا هنا بقرنيتي الإجماع والاحتياط للعبادة، وإما أن تجعل باقية على حقيقتها إلى المنكب، وتجعل حينئذ غاية الغسل وتدخل الغاية في المغيا أيضاً لما تقدم كما قال بذلك جماعة، أو تجعل «إلى» حينئذ للترك المقدر، وتخرج الغاية حينئذ عن المغيا كما قال به كما قال جماعة أخرى، والمعنى على الأول: اغسلوا أيديكم من رؤوس أصابعها إلى المرافق، وعلى الثاني: اغسلوا أيديكم واتركوا منها إلى المرافق.
وأوضح من هذا الجواب أن يقال: إن «إلى» في الآية بمعنى مع كما في قوله تعالى ?