مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ? [آل عمران: ٥٢] أي: مع الله، وفي قوله تعالى: ?وَلاَتَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ? [المائدة: ٢] أي: مع أموالكم.
قال العلماء: فإن قطع شيء من يد الإنسان وجب غسل ما بقي لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»(١) وإن قطعت من مرفقه وجب غسل رأس عظم العضد لأنه من المرفق، وإن قطعت من فوق المرفق سقط هذا الفرض، وندب غسل باقي عضده، لئلا يخلو العضو عن طهارة.
سؤال: فإن قيل: من القواعد المشهورة أن التابع يسقط بسقوط المتبوع، كسقوط رواتب الفرائض عن المجنون تبعاً للفرائض، فلأي شيء قالوا هنا يستحب غسل باقي عضده مع سقوط غسل اليد عنه؟
فالجواب: أن سقوط المتبوع عن المجنون رخصته فالتابع أولى به، وسقوطه هنا ليس رخصته بل لتعذره، فحسن الإتيان بالتابع محافظة على العبادة بقدر الإمكان، ولأن التابع للفرائض شرع تكملة لنقصها، فإذا لم يكن متبوع فلا تكملة، وهنا لم يشرع تكملة للمتبوع، لأنه كامل بالمشاهدة، فتعين أن يكون مطلوباً لنفسه.
ويجب غسل اليدين ما عليهما من شعر، وغسل يد زائدة إن نبت بمحل الفرض، وإن نبت بغير محل الفرض غسل ما حاذى منها محل الفرض، لوقوع اسم اليد عليه، ولو خلق له يدان أصليتان أو أحدهما أصلية والأخرى زائدة ولم تتميز وجب غسلهما، أما إذا تميزت الزائدة بفحش قصر ونقص أصابع وضعف بطش ونحوه فلا يجب غسلها إذا كانت في غير محل الفرض.
سؤال: فإن قيل: قالوا في السرقة إذا خلق له يدان أصليتان يقطع إحداهما فقط فلأي شيء قالوا هنا إذا خلق له يدان يجب غسلهما؟
فالجواب: أن الوضوء مبناه على الاحتياط لأنه عبادة، وأما السرقة فإنه حد والحد مبناه على الدرء لأنه عقوبة.
قال الفقهاء: ولو كشطت جلدة العضد ونزلت منه لم يجب غسلها مع غسل اليدين ولا غيره، لأن اسم اليد لا يقع عليها، ولو كشطت جلدة الذراع منه وجب غسلها لأنها من اليد سواء المحاذي وغيره، إلا إذا التصقت بعد كشطها من أحدهما
(١) أخرجه ابن حبان (٩/١٨، رقم ٣٧٠٤) ، وابن خزيمة (٤/١٢٩، رقم ٢٥٠٨) عن أبي هريرة.