بالآخر فإنه يجب غسل المحاذي للفرض دون غيره، وإن تجافت بعد أن التصقت عن محل الفرض لزمه غسل ما تحتها أيضاً لندرته، ولو كشطت جلدة أحدهما وانتهى كشطها إلى الآخر ثم تدلت منه، فالاعتبار بما تدلت منه، فإذا بلغ كشطها من العضد إلى الذراع وجب غسلها معه، لأنها صارت جزءاً من محل الفرض، وإذا انتهى كشطها من الذراع إلى العضد فلا يجب، لأنها صارت جزءاً من غير محل الفرض.
الفرض الرابع: بعض الرأس سواء أمسح على بشرته أو على شعره الذي لا يخرج عن حده ولو قدر رأس أبرة، حتى لو أخذ أبرة وغمسها في الماء ووضعها على رأسه كفاه عند علمائنا الشافعية.
أما إذا مسح على الشعر الذي يخرج عن حد الرأس بالمد من جهة سفله فإنه لا يكفي، ولو قطر الماء على رأسه كفى.
قال في الأنوار: ولو قطرت على خمارها ووصلت رطوبتها إلى شعرها حصل الفرض، ولو وقف تحت المطر فنزل على رأسه كفى، ولو غسل رأسه بدل مسحه كفاه ولم يكره ولم يستحب، بخلاف ما لو غسل الخف بعد لمسه فإنه يكره، لأنه يعيبه، ولو مسح رأسه ببرد وثلج لا يذوبان كفى لحصول المقصود به، ولو كان عنده ثلج أو برد فذاب فتوضأ به واغتسل كفاه، بل يجب استعماله إن لم يجد غيره، واختلف الروايات عن أبي حنيفة في مسح الرأس، ففي رواية: أنه يجزئ قدر ربع الرأس، وهو الراجح عندهم، وفي رواية أخرى: مقدار الناصية، وفي رواية أخرى: قدر ثلاث أصابع، ومذهب الإمام أحمد والإمام مالك وجوب استيعاب الرأس فلا يجزئ سواه، واكتفى الشافعي بمسح البعض، لأن المفهوم من المسح عند إطلاقه، والله تعالى قال ?وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ? [النائدة: ٦] وأطلق فدل على الاكتفاء بالبعض، وأيضاً الباء إذا دخلت على متعدد كما في الآية تكون للتبعيض، أو على غيره كما في قوله تعالى: ?وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ? [الحج: ٢٩] تكون للإلصاق.
سؤال: فإن قيل: لأي شيء وجب تعميم مسح الوجه واليدين في التيمم ولم يجب تعميم الرأس في الوضوء مع أن آية التيمم وهي: ?فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ? [النساء: ٤٣] كآية مسح الرأس؟
فالجواب: إنما وجب الإستيعاب في التيمم لثبوت ذلك بالسنة، ولأنه يدل عن الوضوء فاعتبر مبدله، ومسح الرأس أصل فاعتبر لفظه.
فإن قيل: لأي شيء لم يجب تعميم مسح الخف بالماء مع أنه بدل عن غسل