للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجلين؟

فالجواب: أن التعميم يفسده، مع أن مسحه مبني على التخفيف لجوازه مع القدرة على الغسل، بخلاف التعميم.

الفرض الخامس: غسل الرجلين مع الكعبين من كل رجل، وهما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم، ولا يجب غسل الرجلين في حق لابس الخفين عيناً، بل هو مخير بين الغسل وهو أفضل لأصالته، ولمواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - غالباً، وبين المسح، وذهبت الشيعة إلى أن الواجب في الرجلين في الوضوء المسح لا الغسل، واستدلوا على ذلك بقرأة من قرأ ?وَأَرْجِلِكُم? بالجر وقالوا أنه معطوف على ?بِرُءُوسِكُمْ? فوجب فيهما المسح كوجوبه في المعطوف عليه.

واستدل أهل السنة على وجوب غسل الرجلين بقوله تعالى: ?وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ? [المائدة: ٦] على قراة النصب والجر، أما على قراءة النصب فإنه معطوف على ?وُجُوهَكُمْ? لفظاً، وأما قراءة الجر فإنه معطوف أيضاً على ?وُجُوهَكُمْ? لمجاورته لرؤوسكم، ويسمى جر الجوار فهو كقوله تعالى: ?عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ? [هود: ٢٦] والأليم صفة للعذاب وإنما جر بالمجاورة، وكقولهم: «حجر ضب خرب» فهو وإن كان مجرور لفظاً فهو منصوب معنى عطفاً على ?وُجُوهَكُمْ? والمعطوف على المغسول مغسول، فبطل ما قاله الشيعة من أنه معطوف على الممسوح فوجب مسحه.

الفرض السادس: الترتيب في أفعاله خلافاً لأبي حنيفة دليلنا عليه فعله - صلى الله عليه وسلم - المبين للوضوء المأمور به قال الإمام الرازي: إنما أوجب الشافعي الترتيب في الوضوء لوجوه عديدة مستنبطة من الآية وساقها وذكر منها:

أن الترتيب لو لم يكن واجباً لكان مقتضى البلاغة أن يبدأ الله تعالى في الآية بالرأس ويختم بالرجلين، فلما بدأ بالوجه وختم بهما دل على وجوبه.

وأيضاً: لو لم يكن الترتيب واجباً لكان مقتضى البلاغة أن يميز الممسوح من المغسول فلما ذكر سبحانه ممسوحاً بين مغسولات، وتفريق للتجانس لا ترتكبه العرب إلا لفائدة، وفائدته هنا وجوب الترتيب لا ندبه بقرينة الأمر في قوله: ?فَاغْسِلُوا? وإنما بدأ الله دل على وجوبه.

ها هنا فوائد:

الأولى: بين القفَّال في كتابه محاسن الشريعة حكمة ترتيب هذه الأعضاء فقال: قدم الوجه لشرفه ثم اليدين لأنهما بارزتان، ويعمل بهما غالباً بخلاف الرأس والرجلين،

<<  <  ج: ص:  >  >>