للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نشوة السكر، لعدم زوال الشعور.

ويحصل الفرق بين النوم والنعاس بسماع كلام الحاضرين، وإن لم يفهمه وبالرؤيا، فإن سمع كلام الحاضرين وإن لم يفهمه فذلك نعاس لا ينقض، وإن رأى رؤيا ذلك نوم ناقض، ولو شك هل نام أو نعس لم ينتقض وضوءه.

وللنوم أربع علامات سنذكرها في محلها إن شاء الله تعالى.

ويستثنى ما إذا نام ممكناً مقعده من مقره فإن وضوءه لا ينتقض ولو كان مستنداً إلى شيء لو أزيل عنه لسقط، وكذا لو نام محتبياً أي: جالساً على إليته رافعاَ ركبتيه محتوياً عليهما بيديه أو غيرهما.

والذي يدل على أن من نام قاعداً ممكناً مقعده من مقرة لا ينتقض وضوءه ما ورد في صحيح مسلم عن أنس: «أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا ينامون، ثم يصلون ولا يتوضؤون» (١) .

وهو محمول على أنهم كانوا ينامون ممكنين مقعدهم من مقرهم، جمعاً بينه وبين ما رواه أبو داود والترمذي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا وضوء على من نام قاعداً إنما الوضوء على من نام مضجعاً» (٢) فإن من نام مضطجعاً استرخت مفاصله.

سؤال: فإن قيل: يحتمل أن يخرج ممن نام ممكنا مقعده من الأرض من مقره الريح من قبله، فلم قلتم لا ينتقض وضوءه مطلقاً؟

فالجواب: أن خروج الريح من القبل نادر فلم يرتفع به أصل الطهارة، نعم يستحب لمن نام قاعداً ممكناً مقعده أن يتوضأ للخروج من الخلاف قاله في الروضة.

قال العلماء: وإذا نام ممكناً مقعده من الأرض فمال في نومه حتى زالت إحدي إليتيه عن الأرض هل ينتقض وضوءه أم لا؟

فيه تفصيل وهو أن يقال: إن زالت قبل انتباهه انتقض، وإن لم تقع يده على الأرض لمضي لحظه وهو نائم غير ممكن، وإن زالت مع انتباهه أو بعد أو شك هل زالت قبل انتباهه أو بعده فلا ينتقض وضوءه، لأن الأصل بقاء الطهارة، ولو تيقن النوم وشك هل كان ممكن أم لا؟ يجب عليه الوضوء، ولو نام على قفاه ملصقاً مقعده من


(١) أخرجه مسلم (١/٢٨٤، رقم ٣٧٦) .
(٢) أخرجه أبو داود (١/٥٢، رقم ٢٠٢) وقال: منكر. والترمذي (١/١١١، رقم ٧٧) . وأخرجه أيضاً: الطبراني (١٢/١٥٧، رقم ١٢٧٤٨) ، والبيهقي (١/١٢١، رقم ٥٩٢) عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>