للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السؤال لعدم المساواة بينهما في العلة.

قال العلماء: ولو انسد مخرج الإنسان وانفتح له مخرج بدله تحت معدته أي: تحت سرته، فخرج منه شيء انتقض وضوءه، إذ لابد للإنسان من مخرج فأقيم هذا مقامه، أما إذا انفتح له مخرج تحت المعدة، والأصلي منفتح أو فوقها أي: فوق المعدة، بأن انفتح في السرة فما فوقها، والأصلي من محاذيها يشبه القيء، والقيء لا ينقض، وما انفتح تحت المعدة والأصلي منفتح لا ضرورة إلى جعله مخرجاً مع انفتاح الأصلي، هذا إذا طرأ الانسداد على الأصلي، أما لو خلق الإنسان منسداً ففي أي: موضع انفتح له مخرج ينقض الخارج منه سواء فوق المعدة أو تحتها.

فائدة: حيث جعلنا الأصلي المنفتح كالأصلي في النقض بخروج الخارج منه فلا نجعله مثله في أجزاء الحجر فيه عند الاستنجاء، ولا في نفض الوضوء بمسه، ولا في وجوب الغسل وغيره من أحكام الوطئ بالإيلاج فيه، ولا في حرمة النظر إليه حيث كان فوق العورة، وأما الأصلي فأحكامه باقية إذا طرأ عيله الانسداد، أما إذا كان منسداً أصالة كعضو زائد من الخنثي لا يجب بمسه وضوءه إلا بإيلاجه والإيلاج فيه غسل.

السبب الثاني: زوال العقل وزوال التمييز بجنون أو إغماء أو سكر أو نوم أو غير ذلك، فإذا نام المتوضئ أو جن أو أغمي عليه أو سكر أو نحو ذلك انتقض وضوءه، وإنما انتقض الوضوء بالنوم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العينان وكاء السَّة فمن نام فليتوضأ» (١) رواه أبو داود وابن السكن في صحاحه.

كني - صلى الله عليه وسلم - «بالعينين» عن اليقظة.

«الوكاء» بكسر الواو بالمد الخيط الذي يربط به الشيء، والمراد الحفاظ.

«والسة» : الدبر.

والمعنى: أن اليقظة هي الحافظة لما يخرج، والنائم قد يخرج منه الشيء ولا يشعر، وإذا ثبت النقض بالنوم ثبت بالجنون والاغماء والسكر ونحوها، لأنها أبلغ منه في الذهول الذي هو مظنة لخروج شيء من دبره، لأن النوم يستر العقل، والجنون يزيله، والإغماء يغمره، ولا ينقض النعاس المسمى «بالسنة» ، ولا حديث النفس، ولا أوائل


(١) أخرجه أبو داود (١/٥٢، رقم ٢٠٣) . وأخرجه أيضاً: أحمد (١/١١١، رقم ٨٨٧) ، وابن ماجه (١/١٦١، رقم ٤٧٧) ، والدارقطني (١/١٦١) ، والبيهقي (١/١١٨، رقم ٥٧٥) ، والضياء (٢/٢٥٥، رقم ٦٣٢) عن علي.

<<  <  ج: ص:  >  >>