فقال الأسنوي: يحل مسه، ونقل الزركشي عن الغزالي: أنه يحرم مسه أيضاً ولم ينقل ما يخالفه، وقال ابن العماد: إنه الأصح إبقاءً لحرمته قبل انفصاله.
قال العلامة القاضي زكريا: محل تحريم مسه إذا لم تنقطع نسبته عن المصحف، فإن انقطعت كأن جعلت جلد كتاب لم يحرم مسه قطعاً، وكما يحرم مسه يحرم حمله لأنه أبلغ من مسه سواء حمله وحده أو في غلافه أو بعلاقته، هذا مذهب إمامنا الشافعي والإمام مالك.
وقال أبو حنيفة: يجوز للمحدث حلمه بعلاقته أو في علاقته، نعم يجوز لنا حمله في أمتعة أو متاع واحد إذا لم يكن مقصوداً بالحمل، لعدم الإخلال بتعظيمه حينئذ أما إذا كان مقصوداً بالحمل ولو مع الأمتعة فإنه يحرم حمله.
ولا تحرم كتابة القرآن على المحدث من غير مس ولا حمل، بأن يضع الورقة مثلا بين يديه ويكتب فيها، ولا يحرم عليه قلب ورق المصحف بعود، لأنه ليس بحمل ولا مس، ويجوز مس التوراة والإنجيل وحملها، ويجوز مس وحمل ما نسخت تلاوته وإن لم ينسخ حكمه لزوال حرمته بالنسخ، كزوال حرمة التوراة والإنجيل بالتبديل، أما ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته فيحرم مسه وحمله، ويحرم على بالغ مس وحمل ما كتب بلوح ونحوه، ولو بعض آية لدراسة، بخلاف الصبي فإنه إذا كان مميزاً لا يجب على وليه ومعلمه مع الحدث الأصغر أن يمنعه من مس وحمل المصحف أو اللوح الذي يتعلم منه، لأنه يحتاج إلى الدراسة والتعلم، وتكليفه استصحاب الطهارة مما تعظم فيه المشقة، هذا إذا حمله لأجل الدراسة والتعلم، أما إذا لم يكن له غرض في حمله أو حمله بغرض آخر فإنه يجب على معلمه ووليه منعه من ذلك، وإذا كان البالغ محدثاً فقال للصبي: انقل هذا المصحف من هذا المكان إلى مكان آخر أو احمله معك فإنه حرام يأثم ببذلك البالغ، لأن الصبي يمنع من حمله ومسه إلا لحاجة التعلم، كما يمنع المجنون وهذا يقع فيه كثير من الناس الجهال خوفاً من مسه مع الحدث.
وإذا كان الصبي جنباً وأراد حمل المصحف ومسه للدراسة هل يمنع من ذلك أم لا؟
قال النووي: لا يمنع، وجزم به ابن السبكي، لكن قال الأسنوي: القياس المنع لأنها نادرة، وحكمها أغلظ، واستحسن كلامه كثير من المتأخرين.
قال العلماء: وإن أبيح للصبي المميز مع الحدث مس المصحف وحمله أو اللوح الذي فيه شيء من القرآن لأجل، الدراسة فيندب لوليه ومعلمه منعه منه، وأمره بالوضوء، ويجوز مع الكراهة مس وحمل كتب التفسير مع الحدث، إلا إذا كان القرآن