للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح في أبي داود عن جابر - رضي الله عنه - كان آخر الأمرين من رسول الله - رضي الله عنه - ترك الوضوء مما غيرت النار (١) .

فائدة: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ» دليل على بطلان الصلاة مع الحدث، وفيه دليل على أنه يحرم على المحدث حدثاً أصغر الصلاة ولو كانت نفلا أًو صلاة جنازة، هذا في غير فاقد الطهورين، ودائم الحدث، ويحرم عليه خطبة الجمعة والطواف ولو نفلاً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الطواف بمنزلة الصلاة إلا أن الله تعالى قد أحل فيه النطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير» رواه الحاكم وصححه على شرط مسلم (٢) .

ويحرم عليه سجود التلاوة أو الشكر لأنه في معنى الصلاة.

قال ابن الصلاح: وأما ما يفعله عوام الفقراء من السجود بين يدي المشايخ محدثين فهو من العظائم، ولو كان بطهارة إلى القبلة قال: وأخشى أن يكون كفراً.

وأما قوله تعالى: ?وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً? [يوسف: ١٠٠] فهو منسوخ أو مؤول، ويحرم عليه مس المصحف ولو كان بغير أعضاء الوضوء، ولا فرق بين مس كتابته وورقه وحواشيه وما بين سطوره، لأن اسم المصحف يقع على الجميع وقوعاً واحداً، وكذلك يحرم مسه من وراء ثوبه أو ثوب غيره، وكذا يحرم مسه على فاقد الطهورين، ودليل تحريم مسه قوله تعالى ?لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ المُطَهَّرُونَ? [الواقعة: ٧٩] أي: إلا المتطهرون وهو خبر بمعنى النهي، ولو كان باقياً على أصله من الخبرية لزم الخلف في كلامه تعالى، لأن غير المتطهر يمسه.

فإن قيل: ما المانع من جعله نهياً لا خبراً بمعناه؟

فالجواب: أنه لو كان نهياً لزم منه وقوع الطلب صفة وهو ممتنع.

وأما مس جلد المصحف فإن كان متصلاً به حرم مسه لأنه كالجزء منه، ولهذا يتبعه في البيع، وإن كان منفصلاً عنه حرم مسه.


(١) أخرجه أبو داود (١/٤٩، رقم ١٩٢) . وأخرجه أيضا: النسائي (١/١٠٨، رقم ١٨٥) .
(٢) أخرجه الحاكم (١/٦٣٠، رقم ١٦٨٦) . وأخرجه أيضاً: ابن أبي شيبة (٣/٣٧، رقم ١٢٨٠٨) ، والطبراني (١١/٣٤، رقم ١٠٩٥٥) ، وأبو نعيم في الحلية (٨/١٢٨) ، والدارمي (٢/٦٦، رقم ١٨٤٧) ، وابن أبي شيبة (٣/٣٧، رقم ١٢٨٠٨) ، وابن الجارود (١/١٢٠، رقم ٤٦١) ، وابن حبان (٩/١٤٣، رقم ٣٨٣٦) ، والبيهقي (٥/٨٥، رقم ٩٠٧٤) عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>