الدعوة، وتطلق أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - على أمة الإجابة إلى قسمين إلى أمة الطاعة وهم: من أسلم وأطاع، وإلى أمة المعصية وهم: من أسلم وعصى، والمراد بالأمة في هذا الحديث: أمة الإجابة بقسميها كما قاله ابن حجر لا أمة الدعوة.
وقوله: «يدعون» إما من الدعاء بمعنى النداء، وإما من الدعاء بمعنى التسمية، والمعنى على الأول: إن أمتي ينادون يوم القيامة، وعلى الثاني: يسمون يوم القيامة.
وأصل القيامة: «القوامة» قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها.
وقوله: «غراً محجلين» إذا قلنا منصوبان إما على الحال من ضمير «يدعون» إن كان بمعنى النداء، ويعدى «يدعون» بإلى، وإما على المفعولية إن كان بمعنى التسمية.
سؤال: فإن قيل: إلى أين ينادون يوم القيامة إذا قلنا أن «يدعون» بمعنى ينادون؟
جوابه: أنهم ينادون إلى موقف الحساب أو إلى الميزان أو إلى غير ذلك، حال كونهم على هذا الوصف فيقال لهم: يا أمة محمد أقبلوا إلى الحساب أو الميزان أو إلى الصراط أو إلى الحوض أو إلى الجنة أو غير ذلك.
فيأتون وهم غر محجلون أي: على جباههم وأيديهم وأرجلهم نور ساطع كالغرة البيضاء في جبهة الفرس، والتحجيل الذي في يديها ورجليها، فإن «الغرة» في اللغة: بياض في جبهة الفرس، «والتحجيل» بياض في يديها ورجليها، فسمي النور الذي يكون على مواضع الوضوء يوم القيامة غراً وتحجيلاً تشبيها بذلك.
وأما إذا كان «يدعون» بمعنى يسمون فمعنى الحديث: أن الملائكة تسمي أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بهذا الاسم تشريفاً لهم وتكريماً من بين سائر الأمم، فيقولون لهم: يا غر المحجلين أو يا أصحاب الغرة والتحجيل، حين يرون عليهم هذا النور الحاصل لهم من الوضوء.
وقوله: «من آثار الوضوء» يجوز قراءته بضم الواو، فإن النور حصل من هذا الفعل، ويجوز قراءته بفتح الواو بناء على أن هذا النور حصل من آثار الماء المستعمل في الوضوء.
والحاصل: أن الغرة والتحجيل نشأ عن الفعل بالماء، فيجوز أن ينسب إلى كل منهما.
وفي هذا الحديث فوائد كثيرة:
منها: أن فيه دلالة على استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، والمراد بإطالة الغرة عند العلماء غسل ما فوق الواجب من جميع جوانب الوجه، وغايته أن يغسل صفحة العنق من مقدمات الرأس، والمراد بإطالة التحجيل غسل ما فوق الواجب من