جميع جوانب الرجلين واليدين، وغايته استيعاب العضدين والساقين أي: غسل اليدين إلى المنكبين والرجلين إلى الركبتين.
وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - يستوعب في وضوءه العضدين والساقين حتى يوصل الماء إلى إبطيه.
وهكذا نقل عن عبد الله بن عمر عملاً بظاهر قوله:«فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل» .
واقتصر على ذكر الغرة في قوله «فمن استطاع منكم أن يطيل غرته» ولم يقل وتحجيله لدلالتها عليه كما في قوله تعالى: ?سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ? [النحل: ٨١] ولم يذكر البرد لدلالة الحر عليه.
سؤال: فإن قيل: لأي شيء لم يقتصر - صلى الله عليه وسلم - بذكر التحجيل عن ذكر الغرة لأنه مذكر وهي مؤنثة والمذكر أشرف من المؤنث؟
جوابه: أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما اقتصر بذكر الغرة عن ذكر التحجيل دون العكس لأن محلها أشرف أعضاء الوضوء، ولأنه أول ما يقع عليه البصر يوم القيامة.
ومنها: أن فيه دلالة على أن الوضوء من خصائص هذه الأمة وهذه المسألة فيها ثلاثة أقوال للعلماء:
الأول: أنه من خصائص هذه الأمة، وبهذا القول جزم الحليمي في منهاجه، واستدل على ذلك بهذا الحديث.
الثاني: أنه ليس من خصائص هذه الأمة بل كان مشروعاً في سائر الأمم، والذي اختصت به هذه الأمة الغرة والتحجيل، ورجح هذا القول شيخ الإسلام ابن حجر وقال أنه الظاهر قال: ويؤيده ما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً:«لكم سيما -أي علامة- ليست لأحد غيركم، تردون علي غراً محجلين من أثر الوضوء»(١) .
الثالث: أنه من خصائص هذه الأمة ولم يشاركها فيه إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهذا القول لهذه الأمة شرف عظيم حيث استوو مع الأنبياء في هذه الخصوصية وامتازوا عنهم بالغرة والتحجيل ولقد أحسن من قال في المعنى:
(١) أخرجه مسلم (١/٢١٧، رقم ٢٤٧) . وأخرجه أيضا: ابن ماجه (٢/١٤٣١، رقم ٤٢٨٢) ، وأبو يعلى (١١/٧٢، رقم ٦٢٠٩) ، وابن أبي شيبة (١/١٥، رقم ٤٢) ، وابن حبان (٣/٣٢٤، رقم ١٠٤٨) عن أبي هريرة.